بأحسن منها أو ردوها {ولو أجابه بذلك لزال معنى التعظيم والتمييز، وبطل قصد المخاطب من صلاته عليه، ولصارت صلاة من يصلي عليه عند مخاطبته درجة له إلى أن يصلي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون قد كافأه بنفسه بجانب التعظيم، فأرسلته عنهم الصلاة عليه من وجهه، لأن المقصود منها ما يتحقق عند المخاطبة وقضى على حال الغيبة عنه إذا ذكر والله أعلم.
ولا يشبه هذا إن شمت العاطس إذا حمد الله ولم يؤمر بالجواب، لأن مشمته ليس بتعظيم له، وإنما هي كرامة، وجزاء الكرامة بمثلها لا يزيل معنى الكرامة مما جزاه. والتعظيم في هذا يخالف التكريم وبالله التوفيق.
فإن قال قائل: لو كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واجبة عند ذكره لكان عليه أن يصلي على نفسه، كما أخبر عن نفسه بخبر، ألا ترى أنه لما لزم غيره بالإيمان به، لزمه الإيمان بنفسه، فكذلك الصلاة عليه عند ذكره لو لزمت غيره للزمه ذلك في نفسه.
فالجواب أن هذا لا يلزم، لأن العاطس إذا حمد الله عز وجل استحق على غيره أن يشمته ولم يستحق على نفسه، إذا أخبر على نفسه بخبر، أو انتسب إلى رسالة الله تعالى، ويلزم غيره إذا ذكره أن يصلي عليه والله أعلم.
فإن سأل سائل عن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، إذا تكرر في مجلس واحد مرات، يكفي الصلاة عليه في آخر المجلس مرة واحدة أولا.
قيل له: أما إذا كان المجلس معقودًا ليس العلم فيه من رواية السنن، أما لتذكير فيحتمل أن يكون الغافل عن الصلاة عليه كلما جرى ذكره إذا ختم المجلس بالصلاة عليه، كان ذلك جائزًا عنه، لأن المجلس إذا كان معقودًا للذكر، كان كله حالا واحد، ويكون الذكر المتكرر فيه كالذكر الواحد. وأما إذا كان المجلس لا لهذا الشأن فاتفق إذ جرى فيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أرى كلما ذكر أن يصلي عليه ولا أرخص في تأخير ذلك، ولا يكون ذكره في هذه الحال أحق من غير العاطس إذا حمد الله عز وجل. ومعلوم