فإذا ولدت غلب على المولود أقواهم وأعزهم حتى افتخر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى أخرجه من صلب آدم إلى أن وضعته أمه من نكاح لا من سفاح، عصمة له من ألواث الجاهلية. ويتجاوزون هذا إلى أن نعيرهم بالفقر والفاقة وشدة البؤس والحاجة، وأكلهم الحشرات والهوام والدماء، ثم الفخر عليهم بما أسنده ملوك الأعاجم إليهم، وبأنهم كانوا إلى وقت النبي صلى الله عليه وسلم تحت أيديهم، لا يسبون عليهم ولا يستوي لهم إلا طاعتهم والانقياد لهم في غير ذلك مما يشبه هذا. ونعني إجماله عن تفضيله.
ومنها أنهم قالوا: إن كانت طائفة من العرب دخلت في الإسلام أولاً، فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن العرب ترجع إلى دين آبائها قبل أن تقوم الساعة، وأن الأعاجم هم الذين يقومون بنصرة دين الله.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا تقوم الساعة حتى يرجع العرب إلى دين آبائها) وقال: (ليضربنكم الموالي على الإسلام عودًا كما ضربتوهم بدءًا).
ومنها أن استيلاء العرب على رقاب الناس مما عدا النبوة معدود في اشراط الساعة. فقد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله سائل: متى الساعة: فقال: (إن الله تعالى عنده علم الساعة، ولكن إن شئت حدثتك بمعالم لها دون ذلك: قال: أجل يا رسول الله فحدثني قال: إذا رأيت الأمة ولدت ربتها، ورأيت أصحاب الشاء يتطاولون في البنيان، ورأيت الحفاة العراة الجياع العالة، رؤوس الناس، فذلك من معالم الساعة واشراطها. قالوا: يا رسول الله من أصحاب الشاء الحفاة الجياع العالة؟ قال: العالة على رقاب الناس) مستنكرًا استنكارًا أن تلد الأمة ربتها، واستنكار قلة العلم وظهور الجهل، واستغلال المعارف وشرب الخمور وبيع الحكم لما استدل به على أدبار الدنيا وقرب زوالها. وفي هذا ما يمنع من تفضيلهم وتقديمهم.
ومنها أن قالوا: أزعمتم أن العجم ليست أكفاء العرب في المناكح، وأنتم تعلمون أن