كلاب بمكة، فقيل له القرشي، وسموا به قريشًا، والقرش الجمع والتقرش الجمع، فأما ما قاله المحتج لباطله: إن أبا العرب والعجم إبراهيم صلوات الله عليه، لأن إسماعيل أبو العرب، واسحق أبو العجم، فإنه يريد العجم بني إسرائيل خاصة، وهم كما قال: وإن كان يريد بهم لما فرس الذين كانوا مجوسًا، فإن هذه دعوى لا تبين صحتها، وأهل الأنساب لا يعرفونها، فإنه لم يثبت. ونسب العرب من إبراهيم ثابتة، كان لها من الفضل البين على العجم، إنهم من ولد خليل الله إبراهيم، وليس للعجم من الأبناء الذين يختصون بهم والد مثله. وإن ثبت كانت المقابلة بين إسماعيل وولده، واسحق وولده من أول أيامها إلى ألآن. وسنقول في هذا لك بعد ما يوفق تعالى له غير أنا نقتصر في هذا الوقت على ذكر ما انتهى إليه من الفريقين ونؤخر ما كان قبله، فنقول للمحتج: قد علمنا أن بني إسرائيل الذين لا شك في أنهم ولد إسحق، قد كان الله تعالى فضلهم على غيرهم سنين وأعمارًا، ثم أخرهم، وقدم العرب عليهم فحول النبوة والملك عنهم إلى العرب وحكم لهم بالأمرين إلى يوم القيامة، فبان بذلك فضل العرب على العجم.
ألا ترى أن بني إسرائيل يوم كانت النبوة والملك فيهم، كانوا أفضل من الروم والهند والترك وكذلك العرب اليوم أفضل من بني إسرائيل ثم هم بذلك أولى، لأن النبوة والملك بعدما خلا منهم ليسا بمرتحلين، ويوم كان في بني إسرائيل، كانوا مدرجة لهما إلى العرب وبالله التوفيق.
وأما قوله:"إن اسحق أبو الأنبياء والملوك وإسماعيل لم يلد إلا عبدة الأوثان وسفك الدماء والغائبين في الأرض إلى أن ظهر النبي صلى الله عليه وسلم". فجوابه: إن اسحق ابن عمه ولد المجوس الذين هم عبدة الأوثان ومستحلوا البنات والأمهات، وهم ولد الروم على ما مضى وبقي فيهم من أصناف الكفر إلحادًا وغير إلحاد، وما كانت عبادة الأصنام في العجم أقل منها في العرب، فما في هذا.
وأما دعواه في إن أم إسماعيل كانت أمة لأم اسحق، فالأخبار في ذلك مختلفة، فقد روى أن النمرود الذي استدعى سارة إلى داره، لما أراد أن يمد يده إليها يبست يده، فسألها أن تدعو له، فدعت فأطلق الله تعالى يده فأرسلها ووهب لها هاجر، ثم أن سارة وهبتها لإبراهيم صلوات الله عليه لتعجيزها وعقمها من الولد.