وروي أنه أراد أن يمسها، فزلزل البيت من قواعده، فأجرها إلى البستان، فلما أرادها يبست يده ورجلاه، فسألها عن إبراهيم، فأخبرته أنه نبي الله وزوجها، فدعاه فحضر فسأله أن يدعو ربه ليطلق يده ورجليه، فأوحى الله لا تفعل حتى يخرج إليه من جميع ملكه فأعلمه إبراهيم صلوات الله عليه ذلك فخرج إليه من جميع ملكه، وكانت هاجر، فدعا له إبراهيم عليه السلام. فأطلق الله تعالى، وعمل إبراهيم إلى ما كان أعطاه، فرد إليه ما خلا هاجر فإنه أمسكها.
وفي هذه الرواية بيان أن هاجر لم تكن لسارة، ولو كانت لسارة لصارت لإبراهيم إذا وهبتها له، ولكن إسماعيل ابن أمة إبراهيم، لا ابن أمة سارة. وليس في هذا ما يمنع من تقديم إسماعيل على اسحق، فإن ابن الكافرة قد يكون أفضل من ابن حرة، وإنما الذي حدث الكفر، ولا يكون أكثر منه.
وأما دعوى هذا المحتج: أن اسحق هو الذبيح فإنها غير ثابتة، لأن المسلمين من لدن الصحابة إلى الآن مختلفون في الذبيح من ابن إبراهيم صلوات الله عليه، وإلا ظهر أنه إسماعيل، لأن الله عز وجل أخبر عما أراه إبراهيم في منامه، وما كان منه، ومن آيته في الإسلام لأمره، وما تدار كفاية من رحمه، وقيضه له من الذبيح الذي قد أولده، وجزاه به بعد أطال من السلام والمباركة عليه، ثم قال بعد ذلك كله:} وبشرناه باسحق نبيًا من الصالحين {فدل هذا السياق على أن إسحق لم يكن في ذلك الوقت مولودًا، فكيف يكون هو الذبيح؟
فإن قيل: إنما أراد وبشرناه، يكون إسحق نبيًا، فإنما وقعت البشارة له بنبوته لا بكونه. قيل: إن قوله عز وجل:} وبشرناه باسحق نبيا {فوجب أن تكون البشارة بنفسه أولاً ثم بنبوته. فمن قصرها على النبوة، فقد أخل بمقتضى هذا الخبر.
وأيضًا فإن الله عز وجل: أخبر أنه لما صرف عن إبراهيم كيد أعدائه قال:} إني ذاهب إلى ربي سيهدين {يعني الهجرة. فإنه دعا فقال: {رب هب لي من