درست إلا أشياء فيها، فإن كانت السابقة هي الدراسة، فإنها شريعة واحدة بعث الله تعالى بها إسماعيل ثم لم ينسخها.
وهذا يوجب له الفضل والتقديم، وإن كانت المستأنفة غيرها، ففي ذلك شيئان:
أحدهما: أنه ليس نسخ الدارس كنسخ القائم. والآخر: أن محمدًا ولد إسماعيل ودعوة إبراهيم صلوات الله عليه، فإن نسخ شيء من شريعة إسماعيل على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فكأنما نسخ على لسان إسماعيل عليه السلام. وأما إذا نسخت شرائع ولد اسحق على لسان نبي ولد إسماعيل، كان هذا نقلاً للأمر من فريق إلى فريق، وينبغي أن يكون المنقول إليهم خيرًا من المنقول عنهم وبالله التوفيق.
ووجه رابع: وهو أن الله عز وجل ثناؤه اختار إسماعيل لحرمه والاجتماع مع أبيه على إعادة البيت، وجعله أصلاً للعرب، كيعرب بن قحطان، ولم يكن يختار لأفضل البقاع ولجوارته والقيام بعمارته من ابن خليله، بعد أن أكرمه، فأتم البيت، وقضى إعادته على مده إلا أفضلهما وأكرمهما والله أعلم.
ووجه خامس: وهو أن ولد اسحق، لما كانت فيهم أنبياء لم يكن أمثالهم في ولد إسماعيل فكذلك فيهم كانت قبلة أنبياء، والمعتدون الذين بلغ من اعتداءاتهم أن مسخوا قردة وخنازير، ولم يكن من ولد إسماعيل قبل نبي ولا ما أوجب الله تعالى به، فمسخ أحد منهم لو مسخه، فأخذ الأمرين في كل واحد من الفريقين بالآخر.
ووجه سادس: وهو إن إسماعيل دعوة إبراهيم، فإنه قال:} رب هب لي من الصالحين {فرزقه الله تعالى إسماعيل. وأما إسحق فجزاء جزاه الله به لما كان من إسلامه إسماعيل لأمر الله فيما هو ثواب طاعة أقامها إبراهيم بإسماعيل. وكيف يتوهم أن يكون مقدمًا على إسماعيل هذا والنعمة المبتدأة أسنى وأجزل وأنهى وأجزل مما يجري مجرى الأعراض والله أعلم.
ومما جاء في فضل إسماعيل عليه السلام ما روى عن الضحاك بن معد، أغار على بني إسرائيل