للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها عند النبي صلى الله عليه وسلم، فيحملوا عنه الدين ويتفقهوا، فإذا رجع النافرون إليهم أخبروهم بما سمعوا وعلموا، وفي هذا إيجاب النفقة وإثباته أنه على الكفاية دون الأعيان. ويدله على ذلك أيضًا قوله عز وجل:} فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {فدخل في هذا من لا يعلم الكتاب والسنة، ليلزمه سؤال من يعلم عن ما لا يعلم ليعلمه، فيعلم كما دخل فيه من نزلت به نازلة، فلم يعلم الحكم فيها، ودل على وجوب علم التوحيد، خاصة قوله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:} فاعلم أنه لا إله إلا الله {. فأمره جل ثناؤه وبعلم وحدانيته تعالى، وذلك منزلة فوق التوحيد باللسان، ولا شك أنه قبل نزول هذه الآية، كان عالمًا أنه لا إله إلا الله، فدل على أنه أمر باستدامة العلم والثبات عليه، وذلك بالتفكر في آياته الدالة عليه، وإحضارها بالبال، كالرجل يدرس ما قد حفظه لئلا ينساه، كذلك المدرك بالاستدلال يداوم عرض أدلته على القلب لئلا يغفل عنه، ولا يذهل عن مدلوله، وإن كان استيفاء العلم واجبًا على من سبق له العلم بوحدانية الله تعالى، دل ذلك على إن اكتساب هذا العلم على السير عنده بالرجوع إلى الأدلة، والنظر مما يوجبه ليعتقده على وحيه أولى بالوجوب، وإذا وجب ذلك فإنما هو طلب علم وجب على من لم يكن عنده، فكل علم من علوم الدين لم يكن عند أحد، فعليه طلبه حيث يؤمل أن يجده إذا طلبه فيه والله أعلم.

وقد يجوز أن يعبر عن معنى هذه الآية بأن يقال بتقدير قوله تعالى} فاعلم أنه لا إله إلا الله {فكن عالمًا أنه لا إله إلا الله. وهذه الكلمة تصلح لابتداء العلم ولاستدامته فانصرف الأمر بها للنبي صلى الله عليه وسلم للابتداء به ولغيره إلى ما لا يليق بحاله والله أعلم.

وفي هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار منها ما جاء أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) وهذا نص جلي لا يحتاج إلى الكشف عن وجه دلالته. ومنها ما جاء في التحذير من ارتفاع العلم، وذلك تحريض على طلابه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>