ويحتمل أن يكون استغفار الحيتان وطير السماء والوحوش لطالب العلم، أن يكتب لله تعالى تعدد كل من أنواع الحيوانات الأرضية استغفاره سبحانه.
وجه الحكم في هذا إن إصلاح العالم بأسره بالعلم. إلا ترى أن بالعلم يدرك الطير من السماء، لا يبغي أن يؤذي ويخرج ويقتل إلا إلى الله. ولا يجوز أن يرمي فيخرج أو يقتل نائمًا. وأنه لا يجوز إزعاجها عن مكانها للرجل يأخذ فراخها من أوكارها، وإن ما يمسك منها إذا قص جناحه، ومنع أن يطلب رزقه لم يجز تعذيبه بالجوع والعطش، ولا إمساكه في حر أو برد، ولا يحبسه حيث يناله تلف. وبالعلم يدرك إن إقرار الحيتان في الماء إذا لم يكن إليها حاجة، واجب. ولا يجوز التباهي بإخراجها من الماء والنظر إلى اضطرابها في أكبر من غير قصد إلى أكلها. وإنها إذا اصطيدت للأكل وألقيت في البحر، وجب الصبر عليها إلى أن تموت. ولم يجز وقده بالعصا أو الحجر. وبالعلم كان ينهي عنها ليالي السبت وأيامه حين كان اصطيادها في هذه الأوقات حرامًا. وبالعلم استحلت بعد ذلك، وبالعلم تفضل بين الحلال والحرام من الرجس، فيبقى الحرام ويجنب الحلال في الإحرام والحرم. وعزى كل منها إذا أصيبت، ومن الطائر بما هو جزاؤه، ولا يقبل الحلال الأكل تذكيه إلى كله ولا يؤدي من الحرام إلا ما كان ضارًا مؤذيًا. فما من شيء مما ذكر في الحديث إلا له مصلحة معقودة بالعلم. فإن كتب الله تعالى على كل نوع من الأنواع المذكورة لطالب العلم استغفاره فيجازه جزاء له عنها بعلمه المعقود به صلاحها، لم يكن ذلك مستبعدًا ولا مستنكرًا والله أعلم.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا حسد ولا ملق إلا في طلب العلم).
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء ثم الشهداء).
وعنه صلى الله عليه وسلم:(من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين).