للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا أتى على هذه الآية:} ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله {بكى ثم قال: بلى يا رب! بلى يا رب! وأما السجود من آيات السجدة، فعمل متوارث، وشريعة ظاهرة لإخفاء بها إلا ما اختلفت فيه من السجود في المفصل، وسجود القرآن أربع عشرة سجدة: منها في الحج سجدتان، وأما سورة ص، ففيها سجدة لكنها ليست سجدة تلاوة، وإنما هو خبر عن توبة نبي، قال ابن عباس رضي الله عنه: سجدها داود توبة، وسجدها نبيكم صلى الله عليه وسلم شكرًا، ونسجدها إتباعًا لنبينا صلى الله عليه وسلم، وسجدات التلاوة لا تخلو -ولعدة منها- أن تكون عند ذكر السجود إما مدحًا أمر به أو مدحًا لمن يفعله من المكلفين وثناء عليه، وإما أخبارًا عما لا تكليف عليه بأن تكون سجودًا منه لله تعالى. وأما استبطاء لمن لا يسجد إنكارًا لترك السجود عليه، لا تخرج أحوال سجود التلاوة من هذه الوجوه الأربعة. وسورة "ص" لا ذكر فيها للسجود أصلاً، وإنما فيها ذكر الركوع، فقد يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قبل خبرا لأنه إذا ركع سجد، ثم إن الله تعالى بين لنبينا صلى الله عليه وسلم أن يظهر لأخيه داود المشاركة في السرور بمغفرة الله تعالى على إحسانه إليه، فكان من نبينا أن يقتدي به ويسجد كسجوده، وليس ذلك من سجود التلاوة لسبيل.

ومما يتفرع عن هذا الأصل أن القارئ إذا قرأ في غير الصلاة سجد في (ص)، وإن قرأ في الصلاة لم يسجد في "ص"، لأنها سجدة شكر، ولا يصلح سجود للشكر في الصلاة، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد هذه السجدة في الصلاة، فإن وجد ذلك في شيء من الروايات، وثبت فجازت هذه السجدة في الصلاة، كانت كل سجدة للشكر مثلها والله أعلم.

وموضع السجدة في (حم)، السجدة} إن كنتم إياه تعبدون {في قول أهل المدينة وفي قول أهل الكوفة} وهم لا يسأمون {. وهو المختار قياسًا على التي في سورة النحل، وما عدا هذا من الكلام في هذه السجدات فموعظة كتب للأحكام. وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>