للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حظر القراءة على الجنب والحائض، فلما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يحجزه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة، والحيض أشد منها، وهو بتحريم القراءة على الحائض.

وفي كتاب عمرو بن حزام الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهر، ولا يمتنع من قراءة القرآن إلا جنب وقليل القرآن وكثيره في ذلك سواء، لأن كلاهما قرآن ولأن السجدة والصلاة الثانية في التحريم بالجنابة والحيض سواء والله أعلم.

وأما حمل المصحف ومسه، فإن الله عز وجل وصف القرآن بأنه:} في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون {. وقد علمنا أنه ليس في السماء إلا مطهر، فدل ذلك على أن المراد بيان أن الملائكة إنما وصلت إلى مس ذلك الكتاب لأنهم مطهرون، والمطهر هو الميسر للعبادة والمرضي لها. فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس المصحف، والمحدث ليس كذلك، لأنه ممنوع عن الصلاة والطواف، والجنب والحائض ممنوعان عنهما لقراءة القرآن فإنه جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نظفوا أفواهكم فإنها مجاري القرآن). وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) وذلك - والله أعلم لأن المستن يطهر الفم لأجل الرب، إذ كان غرضه أن لا يتلفظ بحروف القرآن، ولا تخالطه رائحة فمه الأصوات التي هي الحروف إلا وفمه نظيف ورائحته غير خبيثة. وذلك راجع إلى تعظيم كلام الرب، فلذلك كان مما يرضيه عنه والله أعلم.

ومما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعظام القرآن من هذا الوجه أنه قال: (أفلا قام الرجل يتوضأ ليلاً أو نهارًا، فأحسن الوضوء واستن، ثم قام فصلى، أطاف به الملك ثم دنا منه حتى وضع فاه على فيه، ثم قرأ الآية، وإذا لم يستن أطاف به ولا يضع فاه على فيه) استن: استاك، انتقل من السنة، لأن السواك سنة.

وأما على الحسن من الثياب والتطيب، فقد جاء عن تميم الدرامي رضي الله عنه أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>