ويخاصمه فيه أو يجادله في تأويل يذهب إليه ولم يكن عنده، ويخطئه ويضلله، فإذ ينبغي له أن يفعل هذا، فإن اللحاح ربما ازاغه عن الحق فلا يقبله. فإن ظهر له وجهه فيكفر. فلهذا حرم المراء في القرآن وسمي كفرًا، لأنه يشرف بصاحبه على الكفر، فإن ذلك إن كان في نفي حرف وإتيانه، أو نفي كلمة وإثباتها، لكان الرابع من التمادي بير عن الحق بعدما تبين له كافرًا، لأنه إما أن يكون منكر شيء في القرآن، أو يكون يدعى زيادة فيه والله أعلم.
فإن قيل: أو ما يجوز المباحثة والمناظرة في القرآن والمعاني.
قيل: يجوز، والمراء غيرهما. وإنما المراء الإصدار على التغليط والتضليل وترك الإدعاء لما يقام من الحجة. فأما المباحثة التي لا يكاد المشكل ينصح إلا بها فليست بحرام والله أعلم.
وأما التفسير بالظن فلا يجوز لأن الله تعالى يقول:} إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وإن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانًا، وإن تقولوا على الله ما لا تعلمون {. وقال تعالى:} ولا تقف ما ليس لك به علم {. وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (من قال في القرآن بغير علم، فليتبوأ مقعده من النار). وأما ما جاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه من قوله: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني، إذا قلت في كتاب الله برأيي، فإنما هو في الرأي تغلب على القلب من غير دليل قام عليه.
وقيل هذا الذي لا يجوز الحكم به في النوازل، فكذلك لا يجوز تفسير القرآن به. وأما رأى يشده برهان، فالحكم به في النوازل جائز. فكذلك تفسير القرآن به جائز والله أعلم.
وأما صيانة القرآن عن ديار العدو، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، وفي بعض الأخبار مخافة أن تناله يد العدو. وليس معنى هذا إن من خرج إلى