للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن {. وقال:} إنا أنزلناه في ليلة القدر {وجاء في الأخبار: أنه أنزل لأربع وعشرين من شهر رمضان، أي ليلة خمس وعشرين، وقيل في تفسير: كان ينزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في كل ليلة قدر ما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليلة التي تليها، فينزل جبريل عليه السلام بأمر الله عز وجل فيما بين الليلتين من السنة إلى أن ينزل القرآن كله من اللوح المحفوظ في عشرين ليلة من عشرين سنة.

وأيضًا فإن الصائم مأمول أن يحفظ لسانه ولا يتكلم بما لا يعنيه، فلما كان الصوم حالاً يقتضي الإمساك عن كثير من كلام الناس، دل ذلك على أنه يقتضي التقرب إلى الله تعالى بقراءة كتابه، كالصلاة التي لما وجب إجلاؤها من كلام الناس حرم إجلاؤها بين كلام الله عز وجل.

وأيضًا فإن الشياطين يصفدون في شهر رمضان، فتكون القلوب فيه أصفى وأخلص وأتقى، والتفكير فيما يقرأ أمكن، والتخشع أيسر، فكانت القراءة فيه أخلق.

فإن قيل: فلا تستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم إذا قرأتم القرآن في شهر رمضان، لأنكم أمنتموهم، وحيل بينكم وبينهم.

قيل: قد تكون الاستعاذة منهم استعاذة من لا يؤمن أن تكون علقت بالنفوس من قبلهم، فإن لم يعصم الله تعالى القارئ عملت عملها من معارضته إذا قرأ فنزل أو انغفل عن شيء فيدعه أو يقرأ مكانه غيره أو تعرض له وسوسة في معناه لاحادثه، لكن من سابح قدمه، وقد تقدمت منه في القلب فلم يزايله. فأما أمر جديد فلا يعرض منهم في هذا الشهر، فيحتاج إلى الاستفادة لأجله والله أعلم.

وأما ترك الممارأة في القرآن، فلما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (إن المراء في القرآن كفر) وهذا -والله أعلم- أن يسمع الرجل من الآخر قراءة أو آية أو كلمة لم تكن عنده، فيعجل عليه ويخطئه وينسب ما يقرأه إلى أنه ليس بقرآن، ويجادله في ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>