فيه على صفة واحدة، فلا جائز أن يفترق أبعاضه. لكن بعضها إذا كان قرآنًا وجب أن تكون جميعها قرآنًا. ووجدنا إثبات "بسم الله الرحمن الرحيم" في المصحف، وإثبات ما بعده إلى آخر الفاتحة بصفة واحدة، وعلى هيئة واحدة، فأوجبنا أن يكون كل من ذلك قرآنًا، حيث أثبت. فإن هذا المحتج لا يجد بدًا من إثباتها في أول كل سورة، والقول بذلك وإن كان يقرب في بعض الصور من طريق أنها كلها فواتح، فإنه يتعدى في بعضها لمباينتها ما يليها من فواتحها. ولا قائل بالفرق في ذلك بين السور والله أعلم. إلا أن الأحسن قراءتها في أول كل سورة ما خلا سورة التوبة، إتباعًا لخط المصحف، ولأنه قد ثبت أنها كانت تنزل مع كل سورة. قال عبد الله بن مسعود لا يعرف فصل ما بين السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم وكان ابن عمر رضي الله عنه يقرأها بين كل سورتين ولا شك بأن قراءتها أحفظ من حذفها. فالقراءة إذًا أولى، وبالله التوفيق.
وأما فضائل السور والآيات، فإن الله عز وجل امتن على نبيه صلى الله عليه وسلم بآية آتاد "السبع المثاني"، والقرآن العظيم، فجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي بن كعب رضي الله عنه يجب أن أعلمك سورة لم تنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، قلت: نعم يا رسول الله، قال: كيف تقرأ في الصلاة، فقرأت أم القرآن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها، وإنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت).
وعن أنس رضي الله عنه، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنزل، فمشى رجل من أصحابه إلى جنبه، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:(ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ قال: فتلا عليه الحمد لله رب العالمين). وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا صلاة إلا بأم القرآن). وقال (لكل صلاة لا تقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج). ذكر سورة البقرة أبو