(ما تعوذ أحد بمثلهن). وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما يقرأ شيء أبلغ عند الله من "قل أعوذ برب الفلق".
فصل
إن سأل سائل عن المفاضلة بين السور والآيات قيل له: قد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأنس رضي الله عنه: (إلا أبشرك بأفضل القرآن فذكر فاتحة الكتاب). ومن قبل فقد قال الله عز وجل:} ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها {. فثبت بذلك جواز كل واحد من القولين. ومعنى ذلك يرجع إلى أشياء: أحدها أن تكون اثنان اثنان في التلاوة إلا أن إحداهما منسوخة، والأخرى ناسخة. فيقال: إن الناسخة خير، أي العمل بها أولى بالناس وأعود عليهم وعلى هذا يقال آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد، خير من آيات القصص والوعود، لأن القصص إنما أريد به تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتبشير، ولا غناء بالناس عن هذه الأمور. وقد يستغنون عن القصص فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خيرًا لهم، مما يجعل تبعًا لما لابد منه.
والآخر أن يقال: أن الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته، والدلالة على عظمة وقدسه أفضل أو خير، بمعنى أن يتمين أنها أسنى وأجل قدرًا.
والثالث أن يقال سورة وآية خير من آية، بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها الإحتراز مما يخشى بالله جل ثناؤه، وينادى بتلاوتها منه لله تعالى لما فيها من ذكر الله تعالى بالصفات العلى على سبيل الاعتقاد لها، وسكون النفس إلى فضل ذلك الذكر ويمنه وبركته. أما آيات الحكم فلا تقع نفس تلاوتها إقامة الحكم فإنما يقع بها علم وإذكار فقط. فكان ما قدمناه قبلها أحق باسم الخير والأفضل والله أعلم.