فيتخللها مع قطع القراءة الركوع والقيام بعده، وسجدتان بينهما جلوس، والقيام إلى الثانية وقراءته فاتحة الكتاب. وليس في العلماء أحد يكره ذلك. وما كانت العلة فيما ذكرت إلا أن قوله عز وجل} كعصف مأكول {انتهاء آية، فالقياس على ذلك أن لا يمنع الوقف عند إعجاز الآيات، سواء كان الكلام يتم والغرض ينتهي، أو لا يتم ولا ينتهي والله أعلم.
وأيضًا فإن الفواصل حلية الكلام، وزينة للمنظوم، ولولاها لم يتبين المنظوم من المنثور، ولا حقًا بأن الكلام المنظوم أحسن من المنثور، فثبت بذلك الفواصل من محاسن الكلام المنظوم، فمن قرأه فأظهر فواصله بالوقوف عليها، فقد أبدى محاسن من ترك الوقف عليها، ووصل بها ما بعدها فقد أخفى تلك المحاسن وكتمها، وشبه المنظوم بالمنثور، وذلك إخلال بحق المقرر.
فإن سأل سائل عن الآية الطويلة التي ينقطع عليها قياس، وإنما الكلام فيمن يختار لقراءته مقطعًا، وأن الأولى به أن يراعي انتهاء الآية وانتهاء الغرض، فأما من لا يمكنه المضي في القراءة لانقطاع نفسه فهو بمعزل عن هذا الكلام.
فإن قيل: كيف يصنع إذا ضاق النفس وانقطع؟ قيل: يقف حيث انتهى نفسه فإن خاف أن ينقطع نفسه خلال كلمة وقف قبل أن يفتتحها لأنه إن لم يقف حتى افتتح الكلمة، فانقطع نفسه خلالها احتاج إلى أن يستأنفها، إذا عاد إلى القراءة، فإن الكلمة الواحدة لا تحتمل التفريق. وأما إذا انقطع نفسه مع تمام كلمة، إلا أنها كانت من الأدوات والصلات أو اسمًا ناقصًا مثل ذو وهن ومن وما، فحسن إذا ابتدأ أن يعيدها كأنه قرأ:} أفمن يمشي مكبًا على وجهه أهدى ... {وانقطع نفسه. فإذا ابتدأ قال:} أمن يمشي سويًا على صراط مستقيم {. وإن قرأ:} إن الله عزيز ذو ... {وانقطع نفسه، فإنه إذا ابتدأ قال:} ذو انتقام {. وإن قرأ:} ولبثوا في كهفهم {فانقطع نفسه، ثم يبتدئ:(فهم) لا يكسر الهاء ولا يضمها، وإنما يبتدئ في كهفهم لأن