الأضياف. وإن كان طعامك يخصك به فلا تؤمن من أن يكون كما ظننت وقدرت فلا تأكل، وهذا تنزيه. ولو كان على وجه التحريم لاستوى الطعامان، لأن الذي يقدمه إليه، وإن كان طعامه وطعام أهله، فهو شيء من ماله يصرفه إليه ويرفقه به لما لم ينهه عن ذلك. علمنا أنه أراد بهذا التفضيل أن يبين لأبي أن الذي حل في صدره إنما يليق بأحد الطعامين دون الآخر، وليس ذلك من معاني التحريم والله أعلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سيجيء على الناس زمان يسأل فيه بالقرآن فإذا سألوكم فلا تعطوهم. وقال ميمون بن مهران: يا أصحاب القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسوا به السف من الدنيا يعني: الريح - واطلبوا الدنيا بالدنيا والآخرة بالآخرة.
وصلى عبد الله بن معقل بهم في رمضان، فلما كان بعد الفطر أرسل إليه عبيد الله بن زياد خمسمائة درهم وحلة فردها، وقال: إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرًا. وقال زادان: من قرأ القرآن ليستأكل به الناس، جاء يوم القيامة ووجهه ليس فيه لحم.
وأما أنه لا يقرأ في الحمام، فلما روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: شر البيت الحمام ينزع من أهله الحياء، لا يقرأ فيه القرآن.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كره قراءة القرآن في الحمام.
وعن جماعة من التابعين مثل ذلك، والقراءة في الكيف والمواضيع القذرة مكروه أشد من كراهيتها في الحمام. ألا ترى أنا بكره القراءة لمن أكل ثومًا أو بصلاً أو كراتًا، ونأمر القائم من النوم الطويل اللازم أن يستاك وينظف فاه قبل أن يقرأ القرآن، لئلا تخالط الريح الكريهة قراءته. فالقراءة في النجس أولى بالكراهية، والقراءة في حال قضاء الحاجتين كذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يرد السلام على من سلم عليه وهو يبول. وقال له بعد ذلك:(إذا رأيتني على هذه فلا تسلم علي، فإنك إن سلمت علي لم أردد). فإذا كان رد السلام يحاشى في حال البول، فقراءة القرآن أولى أن تكرم وتعظم والله أعلم.