وأما ترك التعمق في القرآن، فقد جاء عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرئ بعضنا بعضًا، فقال:(اقرأوا قبل أن تجيء أقوام يقرأونه، يقيمونه كما يقام المدح لا تجاوز تراه فيهم، يتعجلون أجره ولا يتأجلونه). وقال حذيفة رضي الله عنه: اقرأ الناس للقرآن منا من يقرأه ولا ينزل منه حرفًا: واوًا ولا ألفًا.
وقال الحسن: إن هذا القرآن قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، ولم يأتوا الأمر من قبل أوله. وقال الله عز وجل:} كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته {. وما يدبر آياته والله، أما والله ما هو يحفظ حروفه، وإضاعة حدوده، حتى أن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله وما أسقطت منه حرفًا، وقد والله لو سقط كله ما ترى في القرآن من خلق ولا عمل وحتى أن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نفسي والله ما هو لا بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء، ولا الورعة. ومتى كانت القراء تقول مثل هذا؟ لا أكثر الله مثلهم.
وأما قراءة الجماعة معًا تجهرًا، فقد جاء فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج على الناس وهم يصلون قد علت أصواتهم بالقرآن، فقال:(المصلي يناجي ربه، فلينظر من يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن). وعنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يرفع الرجل صوته بالقرآن في الصلاة، يغلط أصحابه، ومعنى هذا أن الناس إذا اجتمعوا يقرأون القرآن في صلاة أو غير صلاة، لم يؤمر بعضهم بالإنصات إلى بعض، لأن الإنصات إذا كان للقمرآن، لم يؤمر بقطع القرآن للقرآن. فإن التعبد بالقرآن أكثر من التعبد بالأسماع إلى قراءة الغير، إذا كان القارئان متماثلي الحال، لا يلزم واحد منهما أن يلزم صاحبه، فلا يفارق حضرته. وإذا كان كذلك لم يجهر بعضهم على بعض، الجهر الذي يعدو غيره، ويخلط القراءة عليه. ألا ترى إلى ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، على صلاة جهر فيها بالقراءة، وجهر خلفه