ومنه ما جاء من تكفير الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن العبد إذا غسل وجهه حط الله عنه خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كان ذلك، فإذا مسح رأسه كان ذلك، فإذا طهر قدميه كان ذلك).
فصل
وأصل الوضوء ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحى إليه (استعلى له جبريل صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة من قبل حراء فوضع يده على رأسه وفؤاده وبين كتفيه، فقال: لا تخف، أنا جبريل، فأجلسه معه على مجلس كريم، وبشره برسالات الله عز وجل حتى اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل عليه السلام. قال: اقرأ: قال: كيف اقرأ؟ قال:} اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم {وأبدى له جبريل نفسه، له جناحان من ياقوت يخطفان البصر. ففتح عينًا من ماء فتوضأ ومحمد صلى الله عليه وسلم ينظر إليه. فوضأ وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، وسجد سجدتين مواجهة البيت. ففعل محمد صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل يفعل. وقبل رسالة ربه صلوات الله عليهما، واتبع الذي نزل به جبريل من عند رب العرش العظيم). وقد روى هذا الحديث مختصرًا ومستمعًا كما رويته. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما علمه الوضوء وأمر به لأجل السجود، فلما أمر بالصلاة التي يتكرر فيها السجود لم يخف عليه أن السجود وحده إذا كان لا يجوز بغير الوضوء، فهو مع اغبار له كثيرة، أولى أن لا يجوز بغير الوضوء. فكان هو صلى الله عليه وسلم، والمسلمون معه يتوضأون للصلاة من حيث شرعت الصلاة. فلما نزل قوله عز وجل:} يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا بروءسكم وأرجلكم إلى الكعبين {. لم يكن المراد به شرع الوضوء، وإنما كان المراد به شرع التيمم. فذكر الوضوء والغسل