معًا وهما مشروعان معلومان، ثم عطف عليهم ذكر من لم يقدر عليهما إما لمرض أو لعدم ماء فأتيح له التيمم. وقد يجوز أن يكون المراد بها فرض غسل الرجلين في قراءة من قرأ "وأرجلكم" بالنصب، وإقرار المسح على الخفين بدلاً عن الغسل، كما كان من قبل بدلاً من المسح لا ما روينا في حديث بدء الوضوء مسح الرأس والرجلين. وثبت أن المسح على الخفين كان مشروعًا قبل نزول المائدة، فصح أنه كان حينئذ بدلاً من مسح الرجلين. فلما فرض غسلهما لم يتبدل حكم المسح بل أقر على حاله والله أعلم.
فصل
فقد ظهر أن فرض الوضوء غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين. وهذا هو الذي استقر بالكتاب، ودل الكتاب على أن الغسل بالماء، ثم آيات الله عز وجل بقوله:} وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين {. والنبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنما الأعمال بالنيات) أن الوضوء لا يعتقد عبادة إلا بنية. وزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء نوافل سنها بأمر الله عز وجل: فمنها غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء. ومنها تسمية الله عز وجل عند هذا الغسل. ومنها المضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه من كف واحد. ومنها استيعاب الرأس بالمسح. ومنها مسح الأذنين وإدخال الإصبعين في الصماخين. فإما تخليل أصابع الرجلين فإنه احتياط يستيقن المتوضئ أن الماء قد وصل إلى بطون الأصابع. وإنما تكرير هذه الأعمال ثلاثًا ثلاثًا فيكره مجاوزة الثلاث.
وأما غسل اليديين قبل إدخالهما الإناء، فإنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يداه). وأما التسمية فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه). وأما المضمضة والاستنشاق فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من الفطرة المضمضة