ومنها الأبوال والأرواث: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنترة من البول، وفرض الاستنجاء منه ومن الخلاء. ونهي عن البول في الماء الدائم، والخلاء في الماء النافع، وذلك في القليل من الماء، فعلم به نجاستهما، ومنها الميتة إلا استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها من الحوت والجراد ولا الآدمي الميت، فإنه طاهر، ولولا ذلك لم يغسل.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مطعون وهو ميت ودموعه تسيل على لحيته، فلو كان نجسًا لتنزه عنه. وإذا كان الآدمي لا ينجس بالموت، فكذلك ما قصه من شعره وظفره وتقشر من جلده، وندر من سنه، فهو طاهر كله. وينبغي أن يدفن ولا يطرح. ولا سعر ما يؤكل لحمه إذا أخذ منه وهو حي، لأنه أخذ منه وهو حي، لأنه أخذ منه حلال. فهو لقطع الرأس في ذكوته، قال الله عز وجل:} ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين {. فأباح الانتفاع بهذه الأشياء ولو كانت نجسة لأمر بطرحها والتنزه عنها، فأما ما عدا ما ذكرنا من الميتة فنجس.
مر النبي صلى الله عليه وسلم على شاة لآل ميمونة، فقال:(هلا انتفعتم باهابها فقالوا: أنها ميتة، فقال: دباغها طهورها) فأبان أنه نجس ولولا ذلك لم يحتج إلى ما يطهره. وقال:(أيما أهاب دبغ فقد طهر) فدل ذلك على أن الدباغ يزيل النجاسة الواقعة بالموت. وإذا كان المأكول لحمه إذ ذكي نجس إذا مات لا عن ذكوة، فالذي لا يؤكل لحمه بأن نجسه الموت أولى، والله أعلم.
ومنه الكلب والخنزير، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا إحداهن بالتراب) وهذا يدل على أن نجاسته أغلظ النجاسات وقال الله عز وجل: في الخنزير أو لحم الخنزير فإنه نجس. ومعنى ذلك فإن الخنزير رجس لأنه أقرب إلى الكناية من اللحم، والرجس أعظم الأنجاس، فعلمنا أن الخنزير الحي نجس وأنه أنجس من غيره، فالحق بالكلب في الحكم والله أعلم.