وأما الألبان، فإن لبن ما لا يؤكل لحمه نجس لأنه كلحمه لا حال له بعد الموت إلا النجاسة. وأما لبن ما يؤكل لحمه فهو كلحمه المذكي، لأن اللبن مباح. قال الله تعالى:} والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين {. وقال:} فإن ارضعن لكم فاتوهن أجورهن {. فهو كاللحم المباح. ولبن الآدمية كحملتها بعد الموت وهي طاهر ميته، فكذلك لبنها إذا فارقها والله أعلم. وأما القيء فإنه نجس قياسًا على الرجيع، المذي أو لودي نجاسان. فأما المذي فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المقداد بنضح الفرج منه. وأما الوذي فإنه من توابع البول لأنه إنما يخرج على أثره فكان بمعناه والله أعلم.
وكل شيء رطب أصابته إحدى هذه النجاسات نجس، إلا الماء فإنه إذا كان دون القلتين نجس، وإن كان قلتين وأكثر لم ينجس إلا أن يتغير، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ولوغ الكلب ما روينا. وقيل له: إنك تتوضأ من ماء بئر قضاعة، وهي تطرح فيها المحائض ولحوم الكلاب وما ينجي الناس، فقال:(الماء ينجسه شيء). فثبت بحديث الولوغ من الماء ما ينجس أو بحديث بئر قضاعة أن منه ما لا ينجس، فاحتيج إلى فصل بينهما. ثم جاء أنه سئل عن الماء يكون في الفلاة وما تنوبه السباع والدواب، فقال:(إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسًا) فصارت ذلك فصلا بين ما يحمل نجاسة وما لا يحملها والله أعلم.
فصل
وإذا لم يقدر المحدث والجنب أو الحائض على الماء، لعوز الماء في السفر، أو مرض يخشى أن يكون منه عند مس الماء التلف، قام التيمم مقام الوضوء والغسل. قال الله عز وجل:} وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم {ويحل للمسافر أن