على الركب، تدل من الفاعل على أنه يزيد بها معظمًا يقصده بقلبه ثم تتعلق صحة ذلك التوجه نحو جهة مخصوصة لا يتعلق التعظيم في العادات بهما. إلا أن الرسول المعظم المقصود هدى إليها وأمر بها، فتقوم تلك الأفعال مقام الشهادة بالله وبوحدانيته. ويقوم التوجه نحو الجهة المخصوصة بقول النبي صلى الله عليه وسلم مقام الشهادة بنبوته. فتصير الصلاة من هذه الأوجه الثلاثة كالإيمان المطلق، ويجب لها بذلك أن تكون أعظم العبادات قدرًا، وأسناها منزلة. ويؤكد ما قلنا أن اسم الصلاة في اللسان موضوع للتعظيم، لأن الصلاة شرط التطهير. فإذا قيل: صلي قائمًا، يراد حتى صلبه لفلان قائمًا، يراد تواضع له بأن حني له صلبه فسميت هذه العبادة صلاة، لأنه لا جهة من جهات التعظيم من حني الصلب وغيره، إلا وقد اجتمعت فيها. فإن الواحد من الناس إذا دخل على معظم منهم وأراد توقيره والتواضع له لم يحز من وجوده: إما أن يمثل بين يديه، وهذا موجود في الصلاة، لأن فيها قيامًا، أو يتخفى لوجهه إذا رآه، وهذا موجود في الصلاة، لأن فيها ركوعًا أو يجثو له على وجهه، وهذا في الصلاة موجود، لأن فيها سجودًا أو يجثو بين يديه وعلى ركبتيه، وهذا في الصلاة موجود، لأن فيها قعودًا. أو يثني عليه ويمدحه ويدعوه بأسمائه الشريفة الكريمة عنده ليظهر له أنه غير مستغن عنه. وهذا موجود في الصلاة، لأن فيها إذكاء وثناء، أو يتصاغر له برفع حوائجه إليه، ويظهر له أنه غير مستغن عنه، وهذا موجود في الصلاة، لأن فيها دعاء، وأفضل الدعاء ما كان في الصلاة أو يتقرب إليه بقراءة كتابة وعهده وولوعه به وصرف الهمم إلى تحفظه، وهذا في الصلاة موجود لأن فيها قراءة القرآن أو تعظيمه بأن يلزم قصده ولا يعرض عنه، ولا يلتوي ولا يلتفت. وهذا في الصلاة موجود، لأن المصلي يلزم قصد الجهة التي ولاه الله إليها ولا يلتفت أو تعظيمه بأن لا يكلم أحدًا سواه بين يديه، ولا يشتغل إلا به. وهذا في الصلاة موجود لأن كلام الناس فيها محظور ممنوع. ويتقرب إليه بأن لا يراه إلا وهو متطهر متنظف لابس، ولا يعص منه بأن يتقدم إليه على أي حال كانت مستفتحة أو مستحسنة. وهذا في الصلاة موجود لأن من شرطها الطهارة وستر العورة.
فهذه جهات التعظيم، ولا تعرف في العبادات عبادة جمعت منها ما جمعت الصلاة، فاستحقت بذلك أن تسمى بهذا الاسم، وتدعى قرينة الإيمان أو ثانيته وبالله التوفيق.
ومن الدلائل التي ذكرتها أن النبي صلى الله عليه وسلم جل إقامتها من أسباب حقن الدم، وإن