كان تركها لا يضر إلا تاركها، كما جعل الشهادتين حاقنتين للدم، وأن حبسهما. لا يضر إلا حابسهما. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إني منعت عن قتل المسلمين) وقال الذي جاءه فسافر في قتل رجل، قال:(أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: بلى ولكن لا تشاهد له قال: أليس يصلي؟ قال: بلى، ولكن لا صلاة له. فقال: أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم) فدل بذلك على أن لا قام الصلاة من الحظ في العصمة ما لشهادة الحق، وليس هذا الشيء من العبادات سوى الصلاة.
ومنها أن الصلاة أشغل العبادات للزمان بعد الإيمان، لأنها تتكرر في كل يوم وليلة خمس مرات، ومعها من السنن المذكورة، والنوافل المستحبة ليلاً ونهارًا ما يستغرق نحوًا من شطر الزمان. فإن صلاة الضحى إذا ضمت إلى المكتوبات المرادة على أفضل جهات التمام مع السنن المندوب إليها، ولزوم الذكر بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، ولزومه بعد العصر حتى تغرب الشمس. وصلاة التهجد في نحو من ثلثي الليل لم تشكل أن زمان الصلاة يكون نحوًا من زمان التجلي عنها، فيصير ذلك دليلاً على غلظ حق الصلاة، وأنه لو أمكن العبد أن لا يخلو منها، لما كان من حقه أن لا يخلو، كما أنه أمكنه أن يستديم الإيمان فلا ينفك منه لم يجعل له أن يخلو منه، لما كان من حقه أن يخلو. كما أنه لو أمكنه أن يستديم الإيمان إلى زمن، ولكن استغراق الأزمان كلها بالصلاة لما كان غير ممكن كان شغل شطرها فيها ممكنًا أمر بذلك فرضًا وندبًا، ويبين ما وضعت أن الزمان كله محتمل الصلاة إلا الأوقات المستثناة التي تذكر بعدها إن شاء الله. وتلك أوقات يسيرة من أزمان كثيرة، فبان أن القصد وقع على أن يكون التعبد بالصلاة مستمرًا في أكثر الأوقات. وإلى هذا وفقت الإشارة بقول الله عز وجل:{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها {وقوله عز وجل:} ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً {. وقوله:} قم الليل إلا قليلاً {إلى قوله {سبحًا طويلا}.