بمغيب عينها. وكانت هذه الصلوات كلها تقام والشمس نفسها، أو أثر من آثارها قائم باد، دل ذلك على أن العشاء هذا بسببها، وأنها تجب بغروب الحمرة، فتقام والبياض الذي هو من آثار الشمس قائم باد، ولا يتأخر وحوبها إلى أن يغيب البياض، فلا يبقى من الشمس عين ولا أثر والله أعلم.
وأما الركوع فإن خط ابتدائه، بلا سبب يدعو إليه في وقت الطلوع ووقت الزوال ووقت الغروب، لأن الصلاة توجبه، وقد جرت العادة بأن يجتبي الناس من يطعمونه أو يجبونه في ثلاثة أوقات، إذا بدأ أو إذا أدنى، وإذا هم بأن ينأى أي فيعيدون التحية له أبدًا تعظيمًا كالسلطان إذا ظهر حجابه ثم طلع وجهه. ويعدون التحية له إذا دنا برًا وتكريمًا. ويعدون التحية له إذا هم بأن ينأى تسليمًا وتوديعًا فالصلاة إذا وقعت في هذه الأحوال الثلاثة التي ذكرناها للشمس شبهت التحية لها وخصوصًا إذا لم يكن لها سبب متقدم يستدعيها، فيكون قيامه في نفس المصلي من تجاهره الشبهة عن فكره، ودافعًا لما يخلج في القلب منها. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا طلعت فارقها، فإذا دنت للزوال قارنها، فإذا زالت فارقها، ثم إذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها) ونهى عن الصلاة في هذه الأوقات.
وقيل: إنما أراد بقرن الشيطان - الجماعة إلى سجود الشيطان عليها، وحملها على عبادة الشمس من دون الله فانقادت له. وأما إذا تم الطلوع وأخذت في الارتفاع فإن الشبهة تزول، لأنها تصير مألوفة معهودة فلا يوجد لها في القلب ما يوجد في حال الطلوع التي تشرف له الأرض وينزاح الظلام عنه بواحده وتنشرح الصدور وكذلك إذا تم الزوال وأخذت تدنو من الأرض، أو يتم الغروب فنسيت كما ينس الغائب إذا ولى ومر زمان بعد غيبته. فصلح أن يكون ما عدا هذه الأوقات أوقاتًا للصلاة فرضها وتطوعها والله أعلم.