ويقول: بأن التطوع وإن كان مطلقًا فيما عدا هذه الأوقات الثلاثة، فإنه في بعض الأوقات أفضل منه في بعض ما فضل تطوع النهار ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر من قول أو فعل. وقد جاء عنه خبر في صلاة الضحى وفي صلاة التسبيح، وفي أربع ركعات إذا زالت الشمس وهي خارجة من جملة سنن الصلاة لأن سننها ركعتان قبلها وركعتان بعدها، وهذه تطوع، ولكل شيء من هذه الصلوات حد فلا ينصرف بعضها ببعض، لأن الفريضة ما لا يسع تركها وحد التطوع ما يستحب فعله، ولا يكره الترخص بتركه. وحد السنة ما يستحب فعلها، ويكره تركها وأحد الأسباب التي تدعو إلى كراهية الترك أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم حافظ على الفعل، ونص على تسميته سنة. وهذا إنما وجد في الركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها. فإن ابن عمر رضي الله عنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليدعها، وأما الأربع فإنما جاء خبر في فضلها. ولم يرو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليها فلا يدعها، ولا أنه سماها سنة، وإنما روى عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلاً عليه في بيته، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربع ركعات حين تزول الشمس يقرأ فيهن كلهن، فسأله عن ذلك فقال:(أن أبواب السماء تفتح حين تزول الشمس، فلا يرتج حتى يصلي الظهر، فأحب أن يصعد له إلى السماء) فلم يزده على ذلك أن أظهر له وجه يقربه، ولم يأمره بمثله. وهكذا روى ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يصلي أربع ركعات حتى تزول الشمس. فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أراك تستحب الصلاة في هذه الساعة، فقال:(أنها ساعة تفتح أبواب السماء، وينظر الله تعالى فيها بالرحمة إلى عباده). ولم يأمر عائشة ولا غيرها بفعلها. وأبان أن ابن عمر رضي الله عنهما بقوله: عشر ركعات، لم يكن يدعهن أن ما عداها فقد كان يدعهن. فثبت أن هذه الأربع مما كان يدعها وقتًا، فإذا لم يكن محافظة دائمة، ولا أمر، فقد ظهر أنها تطوع. ويدل على ذلك أن استعجاله بها كما تزول الشمس دليل على أنه كان