للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أوتر بتسع أو إحدى عشرة ركعة فصلى ما وصفنا والله أعلم.

وأما إذا صل ثلاث ركعات، وصلى في منتهاها وتشهد، ثم قام إلى الثلثة فصلاها، سلم من الثانية أو لم يسلم، لم يكن موترًا بها كلها، وإنما يكون موترًا بالثالثة وحدها، ويكون كأنه صلى ركعتين تطوعًا ثم اتبعها أخرى، فأوترهما بها. وذلك جائز لأن الوتر نافلة. فإن خلطت بالشفع الذي تقدمنا من النافلة فلا بأس ولا فرق من خلط الوتر بشفع قبله، وبين خلط شفع بشفع، إذ كل ذلك نفل. فليس للحد نفل حد لا يجاوز، وبأن ما وصفنا إن عائشة رضي الله عنها أخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يصلي من الليل عشرًا مثنى مثنى، ثم يوتر بواحدة. وأخبرت عنه: كان يقوم فيتسوك ويتوضأ ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة فيقعد، ثم يحمد ربه ويذكره، ويدعو ثم يسلم تسليمًا بسمعناه، ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم، فتلك إحدى عشرة ركعة، فأبانت بقولها فتلك إحدى عشرة ركعة، إن هذه هي الركعات التي كان تعود القيام بها وكان يصليها مثنى مثنى، ثم يوتر بواحدة. وظهر لنا من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما فرق هذه الركعات وربما جمعها. وكان إذا جمعها وإلى بينها إلى ثمان ولا يخالها جلوسًا ثم يجلس، ثم يقوم إلى التاسعة التي هي الوتر ليفضل بين الشفع والوتر ضربًا من الفضل، فيكون كأنه قام بثماني ركعات ثم أوتر بواحدة. وهذا لأن كلها نفل فجمعها كتفريقها، وتفريقها كجمعها. ثم كان يصلي بعد التسع ركعتين، فيبلغ الجميع إحدى عشرة ركعة.

قالت عائشة رضي الله عنها: فلما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة منهن ثم ينهض ولا يسلم، فيصلي السابعة ثم يسلم تسليمًا، ثم يصلي ركعتين وهو جالس فتلك تسع، أي أنه نقص من عدد ركعات القيام فردها أيضًا من التفريق إلى الجمع. فكان يصلي سننًا لا يجلس فيهن إلا في السادسة فيجلس فيها ثم يقوم فيصل السابعة ليكون كأنه تطوع بست ركعات ثم أوتر بواحدة. ومعنى قولنا أوتر بتسع، أي أوتر بأن صلى سبعًا آخرهن وتر، ثم صلى ركعتين فتلك تسع إلى السبع التي كان يقوم بها. وإذا ظهر فيما روته عائشة رضي الله عنها من هذين العددين اللذين

<<  <  ج: ص:  >  >>