للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتي أحدكم الموت فيقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين}.

وقال قتادة رحمه الله: من منع زكاة ماله سلط الله عليه العين وقال إبراهيم التيمي رحمه الله: من كان له مال فمنع حقه سلط الله عليه أن ينفقه في الماء والتراب، وأن المرء ليؤجر في نفقته كلها إلا في شيء يجعله في هذا التراب.

وقال عبد الله بن مسعود رحمه الله: من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له، وهذا موافق لما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، لا يقبل الله بعض ذلك دون بعض).

وعن عبد الله رحمه الله قال: ما تارك الصلاة بمسلم، ثم أن المعنى في وجوب الزكاة بين، لأن المال نعمة من نعم الله تعالى كسلامة البدن وصحته، إلى إزاحة علة المحتاجين، والإنفاق على الفقراء والمساكين حتى يتقووا بها على العبادة، ولا يستغرق جهدهم باضطرابهم لزمانه، فلا يتفرغوا معه بخدمة مولاهم. ثم يكون في ذلك ما يبين في بخل الأغنياء وقلة ما فيهم، فيلزم الأغنياء بذلك تتمة الكفران والطغيان، ويعود المال الذي أنعم الله عليهم نقمة عليهم، بعد أن كانت نعمة أنزلها الله إليهم.

وأيضًا فإن من تأمل وجه الحكمة في فرض الزكاة علم أن أهل الدين إذا كانوا مختلفين، فمنهم أغنياء، ومنهم ذو الحاجة، كان في إهمال الأغنياء أمر المحتاجين والاستبداد بما أوتوه من النعمة هلاك المحتاجين. وليس من حق ما أنعم الله تعالى به على بعض عباده من المال الذي يجاوز قدر حاجته درجات كثيرة، ويربي على حد كفايته أضعافًا مضعفة، أن يرى مشاركًا في الخير والجبلة مواقعًا في الدين والملة، مغلوب الشرف، متكافئ الضرب، وهو يقدر على إصلاح حاله بأدنى شيء يعطيه من ماله، فبخل به عليه، فيكون إلى مثل نفسه، وبغض واحد من أهله عليه، وآثر البخل على الإحسان، وببذل اليسير من

<<  <  ج: ص:  >  >>