ومن الأموال ما يظهر كالمواشي والنخل والكرم والزرع فيكون أخذ صدقاتها إلى الولاة. قال عز وجل لنبينه صلى الله عليه وسلم: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) ولذلك أخذ صدقة الفطر في وجوبها لوقت معلوم، فلا تخفي كما لا تخفي زكاة ما أخرجته الأرض إذا بدأ صلاحه.
ومنها ما خفي كالذهب والفضة، فيكون لرب المال تفريق زكاته بنفسه. فكل ما كان أخذ زكاته إلى الوالي، فالسمع والطاعة واجبان له على من خلت الزكاة ماله. ولا ينبغي له أن يقل، ولا أن يكتم إن كان الوالي عدلًا، على ما يجيء بيانه. وإذا أحضر المصدق المال، فإن قدر على دفع حقه إليه في الحال لينصرف لم يحبس. فإن كان ذلك مما يحتاج فيه إلى مهلة وزمان أنزل وأكرم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالضيف، ومن أكرم الاضياف فيساوى الحق من حقوق الله تعالى، وكان مؤتمنًا عليه ليؤدي كما أمر به إليه، ثم لا يبتغي لرب المال أن يتضجر من الصدقة ويتحرى بها رد له المال. فيكون كمن حبس بعضها عليه فأدى بعضه. فإن وصي رجلًا إياه مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث هضيل محلول، فلما أتاه قال النبي (لا يبارك فيه وفي إبله) فبلغ ذلك الرجل فبعث بناقة حسنة، فقال:(اللهم بارك فيه وفي إبله). وقال الله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون).
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إذا جاءكم المصدق فلا تصدون، إلا وهو عنكم راض). فقد يدخل في هذا أن لا يطال حبسه، ولا يكثرن عليه ولا يستهان، بل يكرم ويوقر ويعرف حقه. ويدخل فيه أن يؤدي إليه ما يطالب به مما هو حقه، ولا يبخس عنه شيئًا. فأما أن طلب أكثر من حقه فلا يعطي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين فرائض