وأقرب من هذا أن من ملك قضايا من مال زكاة، لم تجب عليه الزكاة حتى يمر به حول، فإذا انتهى الحول وجبت، ثم لا يجوز أن يقال: أنها تقضي حق الملك في الحلول كله. وإن كان كله خاليًا عن الوجوب إلا ساعة الانتهاء. وأقرب من ذلك أيضًا أن من ملك قصايا من مال الزكاة إلى أربعين شاة حولًا، وجبت الزكاة عليه وهو شاة. فلو كانت هاية وعشرين لم تجب فيها أيضًا إلا شاة. فقد صارت الشاة بعد حق الأربعين، وحق لأربعين الأخريين، فلا تتكرر إن كان معها أموال من غير جنس المواشي أن يقضي حقها وحق ملك الأموال. فيكون ما مضى ذكره من الاعتبار أعالي الصفاق والأحوال عليه بتخصيصها بأخذ الزكاة منها، واعتبار الاقضية فيها، إلا أنه لا حق لله تعالى فيما عداها من الأموال والله أعلم.
فصل
قم أن هذه الزكاة كما أوجبت في هذه الأصناف الثمانية من أجناس المال، ولذلك لثمانية أصناف من طبقات الناس، قال الله عز وجل: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل). ولم يدخل غير هؤلاء من المحاويج معهم كالأسير الفقير في أيدي العدو ليفتدي به، فيخرج من أيديهم، ولا في المحبوس ظلمًا في ما لا طاقة له به أو يكفن ميت المعسر ودفنه. لأن الأسير لو كان واجدًا مالًا لزمه أن يفتدي نفسه، والمحبوس ظلمًا في مال يراد عنه لو وجده، فألزمه أن يعطيه. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(من قتل جون ماله فهو شهيد). ولذلك أهل الصدقات، لأن كل واحد منهم لو كان واجدًا كفايته من ماله. وأما الميت المعسر فلا سبيل إلى تمليكه. شرط الزكاة التمليك. فلهذا لم يكن لهذه الأبواب مدخل في الزكوات والله أعلم.