قال عطاء بن السائب خرج أبو عبد الرحمن من المسجد، غلامه يقوده، فلمسه، فإذا معه زاده. فقال: تصدق بهذا فإنك ترجع أهلك الآن، فأعطاه مسكينًا. فقال: بارك الله فيكم. وشغلت أنا بالقراءة. ثم أنه قال بحق الصوت. وقيل: فقلنا إنما هو مسكين. فقال: إن عائشة قسمت لحم بقرة، فلما رجع الرسول قالت: ما قالوا؟ قال: بارك الله فيكم، فقالت عائشة وفيهم. وقالت: إنما هي حسنة فيردون إلى مثلها، فأريد أن أكافئهم بما قالوا فتخلص لي هديتي.
وقال عون بن عبد الله: إذا أعطيت المسكين، فقال: بارك الله فيك، فقل: أنت بارك الله فيك.
فصل
وإذا أخرج الرجل السائل الصدقة فوجده قد ذهب، فإن عمرو بن العاص رحمه الله كان يأمر بعزل المعطي الآخر. وبه قال الحسن وإبراهيم وبكر بن عبد الله المزني ومحمد بن سيرين، وقال ابن عمر: إذا أرسلت إلى رجل بصدقة فردها عليك فهي من مالك وإذا لم تدركه فأمضها على سبيلها، قال إبراهيم: لا ترجع في شيء جعلته لله، وهذا استحباب، فإن رده إلى مكانه أو أكله فلا بأس، لأنه في ملكه لم يقتضه المتصدق.
فصل
ومما يدخل في باب شكر نعمة المال أن لا يكتم الغني ماله ويوهم أنه فقير، لئلا يسأل. قال الله عز وجل:{وأما بنعمة ربك فحدث}. وقال رجل: رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا رث الثياب، فقال (ألك من مال؟ قلت: نعم، من كل المال: من الخيل والإبل والغنم قال: فليس عليك أثر نعمة الله).