وقال جابر رضي الله عنه: قام سائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه. فقالوا: يا رسول الله ما كنت تعرض عن السائل فقال: (ما أعرضت عنه أن لا يكون من شحاحتي، ولكن أردت أن يشفع له بعضكم فيؤجر، فإن الله في حاجة المسلم ما كان في حاجة أخيه، ومن سره أن يعلم منزلته عند الله فلينظر إلى منزلة الله عنده، فإنه ينزل العبد حيث ينزل في نفسه).
وإن حضر سائل مجلس عالم الناس على عطائه والإحسان إليه، فينبغي للعالم أن يفعل ذلك. جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحثه عليه فما بقي في المجلس رجل تصدق بأقل أو أكثر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من استن خيرًا فاستن به كان له أجره كاملاً، ومن أجور من استن به ولا ينقص من أجورهم شيء). وسأل النبي صلى الله عليه وسلم لجماعة مضر الذين جاؤوه محتاجين الثمار متقلدي السيوف، فأعطوا حتى تهلل وجهه، وذهب عنه ما كان يجده بهم.
وسئل عبد الله بن مسعود عن رجل أخذ لمسكين من رجل آخر دراهم، فاستقبله مسكين آخر ليعطيه منه. قال: هي للذي أخذها له. وإذا سئل رجل فرد، فقد قلنا أن المسؤول يدعو له بالرزق. وروى في
هذا الباب عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت: لا تقولوا للسائل: بورك فيك: فإنه يسأل المسلم والكافر والبر والفاجر، ولكن قولوا: يرزقنا وإياك.
وقال عون بن عبد الله رضي الله عنه: كنا عند محمد بن كعب القرطبي رضي الله عنه فتكلم ولحيته تزين بالدفوع، فكان مما أوصانا قال: يا أخواني لا تنسوا الفضل بينكم، إذا أتاكم سائل، فلم يكن عندكم شيء تعطونه فلا تدعوا أن تردوا عليه ردًا جميلاً.
وإذا تصدق المسؤول على السائل وأيده حاجته تصدقه، وأولى جارًا أو غير جار معروفًا، فدعا له. فقد قيل أن المعطي يرد عليه مثلى دعائه، فيخلص له بره ومعروفه.