الوالي بالخطبة. والزكوات أيضًا يأخذها الإمام أخذًا ظاهرًا يبعث السعاة عليها، وتدون الدواوين لها، ويفرقها تفريقًا ظاهرًا. والحج والجهاد يجتمع عليهما أهل البلدان المتفرقة طبقات الناس المختلفة، فلا يكاد أمر أعلى منها. والصيام يخفي لأن مبناه على العزم والكف، وهما أمران لا يعلمها من الصائم إلا الله، ثم الصائم نفسه، منشرح عند انقضائه، التكبير في العيد بما من الله تعالى من إشهاد الشهر، والتوفيق بصيامه، وقدر من استكماله غلاله، وإذا أخفه فيعيد بذلك أمر الصيام، ويلحق نظرائه من العبادات والله أعلم.
وأما تحريم الصوم في يوم العيد، فلأنه يوم يلي انسلاخ شهر رمضان، فكان كالليالي المتخللة لأيام الشهر، فإن كل ليلة منها تلي التي قبلها وقت الصيام، فلما لم يكن في ليلة منها صوم، فكذلك لا يكون في يوم العيد صوم والله أعلم.
وأما وجوب صدقة الفطر، فإن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر من رمضان على كل حر وعبد، ذكر وأنثى، صغيرًا وكبيرًا من المسلمين صاعًا من تمر وصاعًا من شعير. ومعنى ذلك -والله أعلم -شكر نعمة الله فيها أباح من الطعام والشراب في النهار بعد أن كان حظرهما ما وجب على الناس أن يطعموا كما يطعمون، ويتصدقوا على المحتاجين بما لا يجدون. ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدار الإطعام والجنس الذي يكون منه، وعلم ذلك موجود في كتب الأحكام. فأما الشراب فلم يأمر أن يتصدق به لأنه على الوجوه يعيش الناس في مساكنهم ومما خص به هذا الشهر ما يرجع إلى تعظيم قدرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام لياليه وقدم القول فيه في باب الصلاة ويقول هاهنا:(إن الجماعة من سنن القيام). فينبغي للذين لا يحفظون القرآن أن يقدموا إمامًا يحفظه، فيؤمهم في المسجد. وتزين المساجد التي يقام فيها الجماعات بالقناديل كما فعل أيام عمر رضي الله عنه.
وقال علي رضي الله عنه: نور على عمر قبره كما نور مساجدنا، ويتحرى أن يكون الإمام حسن القراءة لا يمله القوم. ونبخر المساجد عند القراءة، وإن لم يفارقه الطبيب حتى تنقضي صلاته فهو أحسن.