سألت ابن عباس عن صوم يوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فأعد تسعًا ثم أصبح صائمًا، فقلت: أفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم.
وقد اختلف في صيام عاشوراء فقيل: أنه كان فرضًا، قبل أن تنزل فريضة رمضان فلما نزلت نسخت ما كان قبلها من الصيام. وقيل: لم يكن فرضًا، وإنما كان صيام شكر صامه رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخليص الله تعالى عبده موسى من فرعون فيه.
فصل
وقد ذهب بعض السلف إلى أن عاشوراء هو اليوم التاسع. واحتج بالحديث الذي رويته عن ابن عباس وادعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أن سلمت لأصومن العاشر التاسع). وأن من أثبت الواو من العددين فقد غلط وأن معنى الحديث: لأصومن مكان العاشر التاسع. والأمر عندنا بخلاف هذا، لأن الواو محفوظة في هذه الرواية عندنا، والغلط في حذفها أمكن منه في إثباتها. وتأويلهم هو الغلط لأنه جاء الجمع بين التاسع والعاشر مفسرًا، وفي ذلك سقوط ما ظنوه.
ومعنى ما روي عن ابن عباس في قوله، فأصبح في تاسعة صائمًا أنابه أو بهذا الصيام، وأنه لا يتقرب إلى الله عز وجل بصيام يوم فرد كما يتقرب إليه بركعة من الصلاة. فكما يستحب في الصدقات الأزواج، وجاء فيها من الأخبار ما قد عرف فكان من أداء ابن عباس الأمر بصيام التاسع لا الاقتصار عليه من العاشر والله أعلم.
وكيف يظن عظم اليوم الذي كان عبدًا لموسى عليه السلام فسواء صام أو غيره أو لم يصم لذلك يومًا أصلا والله أعلم. وقال أبو رافع: من أراد أن يصوم عاشوراء فليصم التاسع والعاشر.
ومنها صيام يوم عرفة. روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يوم عرفة كفارة ستين يومًا قبلها وسنة بعدها).