وقال ابن مسعود الأنصاري: لأن أقع من فوق هذا القصر أحب إلى من أن أصنع كما يصنع هؤلاء إذا رأوا الهلال كأنهم يرون ربهم.
عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يكره أن ينتصب للهلال انتصابًا، ولكن يعرض ويقول: الله أكبر، الحمد لله الذي ذهب بهلاله كذا، وجاء بهلال. وعن عضبة بن عمرو: إذا رأى أحدكم الهلال فلا يرفع به رأسًا، فإنما هو آية من آيات الله، والله لأن أقع من هذا القصر أحب إلى من أن أقول فيه ما يقول رجال إذا رأوه، قال أحدهم: لا إله إلا الله، كأنما يرى ربه. ولكن ليقل الرجل -إن أحب -ربي وربك الله.
قال مجاهد: إذا رأيتموه فلا تستقبلوه فتكبروا، ولكن قولوا: الحمد لله الذي أذهب شهر كذا وجاء شهر كذا. وكره مجاهد الصوت والإشارة عند رؤية الهلال.
وعن إبراهيم أنه كان يكره إذا رأوا الهلال أن يستشرقوا له ويرفعوا رؤوسهم، وقال عبد العزيز بن أبي داود: كان المسلمون يقولون عند حضرة شهر رمضان: اللهم أطل شهر رمضان وقصره، فسلمه لنا وسلمنا له، وارزقنا صيامه وقيامه صبرًا واحتسابًا، وارزقنا منه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط، واعدنا من البترة والكسل والنعاس، ووفقنا فيه لليلة القدر، واجعلها لنا خيرًا من ألف شهر، ثم يستقبلوا العمل، فيجتهدوا في أن ينقضي عنهم، وقد أحرزوا حظوظهم من خيره وبركته، ويقدموا فيه إلى الله تعالى بموجبات رحمته ومغفرته، ولا يكونوا كمغفل فرصة، قد أمكنه انتهازها، ومضيع خطوه تيسر إجراؤها وبالله التوفيق.
فصل
وقد ذهب بعض السلف في الصوم إلى ما ليس بمذهب. روى عن إبراهيم أنه قال: بلغني أن من أقل الأعمال أجرًا الصوم، وعنه أنه كان يقال: الصوم أقل الأعمال تضعيفًا، وهذا خلاف ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له