ومما يدخل في هذا الباب صوم اليوم يشك في أنه رمضان أو ليس منه، وهو الثلاثون من شعبان. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صيام ستة أيام عن صيام العيدين وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه أنه رمضان. وهذا على أن يصام غير موصول بصوم معزوز تقدمه، فيصير مقصودًا بالصوم لأجل رمضان، فإن صيام رمضان قبل رمضان محال لا معنى له. ومن يفعل ذلك فعسى أن يفطر آخر يومين من رمضان على أنه شوال، وعسى أن يراه غيره صائماً فيرى أنه لم يصم إلا بحجة فيصوم، فينبغي أن يتنزه عن هذا إلا أن يصوم مع المسلمين حجة والله أعلم.
فصل
وينبغي للناس أنه إذا دنا رمضان أن يفرحوا به ويستبشروا به، ويدعوا الله ويسألوه أن يبلغهم ويوفقهم لصيام أيامه، وقيام لياليه، ويجنبهم فيه الفسوق والعصيان والتمرد والطغيان، ويوطنوا نفوسهم على أن يأمروا بنواهيه، ولا يأخذوا بالهوينا في أمره، منشرحي الصدر طيبي الأنفس بذلك كله غير متحضرين منه، ولا صائبين به، وأن يراقبوا هلاله ليلة الثلاثين من شعبان، فعل من يستعمل لقدوم غائب كريم، ويقولوا إذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند رؤية الهلال:(اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله). وروى أنه كان يقول:(الله أكبر) ثم يدعو وفي بعض الروايات زيادة قوله: (والتوفيق لما تحب وترضى).
وروى أن عليًا عليه السلام، كان لا يستشرق لهلال رمضان، فكان إذا نظر إليه قال: اللهم ادخله علينا بالسلامة والإسلام والإيمان والصحة من الأسقام، والفراغ من الأشغال، ورضاء فيه بالسنة من النوم، ولا ينبغي لمن رأى الهلال أن يقوم في وجهه ويدعو، بل يعرض عنه ويقول ما يقول وهو لا ينظر إليه أميط كفا عنه.
قال علي رضي الله عنه: إذا رأيت الهلال فلا ترفع له رأسًا وقل: ربي وربك الله،