وقد يجوز أن يكون ذلك منه تسمية ابتداء في هذين الأمرين، فصار الكفر إسمًا لهما شرعيًا كاسم النفاق لما يراد به، وكالإيمان والإسلام لما يراد بهما، وغير ذلك من أسماء كثيرة لم تكن سمعت ولا عرفت وإنما بلغت من الرسول صلى الله عليه وسلم ويحتمل معنى آخر، وهو أن المراد من فعل ما يفعله الكفار، فحبس ولم يحج، مما قيل في قوله تعالى في قصة يونس:{فظن أن لن نقدر عليه}. معناه: ففعل فعل من يظن أن لن نقدر عليه، وهو المتهرب من تبليغ الرسالة وركوب البحر مع ركابه وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة (من تركها فقد كفر). أي فعل ما يفعله الكفار والله أعلم.
فصل
ومعنى {حج البيت} والبيت هو الكعبة، وإنما تعرف حقيقة الحج ومقداره بين العبادات بمعرفة البيت والوقوف على السبب الداعي إلى تفضيله وتشريفه، وقد أشار الله تعالى إلى أصل ذلك في كتابة، فقال:{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين، فيه آيات بينات مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا}.
وقال في آية أخرى:{وليطوفوا بالبيت العتيق}. وأغلب ما قيل في معناه: أن المراد به خلاف الحديث، فحصل على الاثنين، أن الكعبة بيت عتيق، وأنه أول بيت وضع في الأرض، ولم يذكر الله تعالى واضعه. فيحتمل أن يكون الله تعالى أخبر به عنه ما أخبر آدم من الجنة. ويحتمل أنه كان أحدثه قبله. ويحتمل أن يكون أمر آدم فبناه. ويحتمل أن يكون أمر الملائكة فبنته. لا يخرج وضعه في الأرض من هذه الأربعة الأوجه.
وأما ما كان من هذا فينبغي أن يعلم أن وضعه فيه لم يكن أسكنه ساكن، وإنما كان ليجعل معبدًا، وذلك أن الله عز وجل قد جعل في بعض سماواته بيتًا وسماه بيت المعمور، وجعله تعالى لملائكته، وجعل فوق السموات العرش وشرفه باسم نفسه، فقال: