الشعث الغبر الموفين نذورهم، المستكملين مناسكهم، المبتهلين إلى ربهم، الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون.
وهذا الحديث يدل على أن البيت إن لم يكن موضوعًا حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض، هذا ظاهره. وقد يحتمل أن يكون موضوعًا، وإنما أراد الله بقوله: سيأتونك منها بيتًا لي أدلك عليه وأرشد إليه، وأن قد وضع، وكل بيت ذكرته، فإنما يوضع بعده.
فصل
وإذا ظهر أصل الحج، فالحج أن يتجرد من يريده عن لباس العباءة ويلبس ازازًا أو رداءًا ويلبي، معتقدًا أنه قد أحرم بحج، وذلك في وقت الحج. فإن وصل إلى البيت قبل عرفة طاف وسار ثم خرج إلى عرفة يوم عرفة، ووقف بها بعد زوال الشمس إلى غروبها، ثم أفاض إلى المشعر الحرام، وأقام به حتى يصلي الصبح، ثم يدفع إلى منى، فإذا طلعت الشمس رمي جمرة العقبة بسبع حصات، وإن كان معه هدى ذبحه أو نحره، ثم حلق رأسه ثم أفاض إلى مكة، يأتي البيت، وذلك يوم النحر، وطاف سبعًا، وصلى خلفها وخلف كل طواف إذا فرغ منه ركعتين، ويخرجه السعي الذي قدمه، فإن لم يكن سعى من قبل هذا اليوم بعد الطواف، ثم عاد الليل إلى منى ويقيم بها ثلاثة أيام. يرمي بالجمرات الثلاث كل يوم بعد زوال الشمس بإحدى وعشرين حصاة، وكل جمرة سبع. وإن شاء أن ينفر الثالث نفر. فإذا فرغ مما ذكرت، فقد فرغ من الحج. ويحرم عليه إذا أحرم ولبس المخيط وحلق الشعر، وتقليم الأظافر، وقتل الصيد والاستمتاع بالنساء والنكاح والتطيب، ويحل له منها إذا رمى جمرة العقبة يوم النحر، كل شيء إلا النساء. فإذا طاف وسعى حل له كل شيء ما كان حرامًا عليه، والفرض من الأعمال التي قدمت ذكرها الإحرام، وأدنى الوقوف بعرفة في وقته والطواف يوم النحر، والسعي وما شاء منها إلا يتفرغ. وكل ذلك مذكور في كتب الأحكام، وإنما نورد في هذا الكتاب ما يعلم أنه يشذ عني غيره أو يتعدد وجوده مجتمعًا فيه، فنقول -وبالله التوفيق -: أن الحج عبادة تجمع الإيمان وعامة العبادات التي هي من أركانه، لأن نفسه إيمان، وما