من سفر، دخل المسجد فصلى ركعتين، ثم أتى فاطمة فسلم عليها ثم أتى منزله فقدم من سفر فصلى ثم أتاها فسلم عليها فجعلت تقبله وتبكي. وكان عبد الله إذا قدم من سفر، دخل على ابنته فأخذ برأسها وقبلها.
ويقال للحاج إذا قدم: بر الله حجك وغفر ذنبك. ومن لم يكثر صح فحسن أن يقول: ورزقنا مثل ما رزقك. ويروى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: تقبل الله نسكك، وعظم أجرك، واخلف نفقتك، وكان ابن سيرين لا يزيد على أن يقول: تقبل الله منا ومنكم وغفر لنا ولكم.
ويستحب للمسافر إذا دنا من منزله أن يبر زاده ويطعمه للناس. روى نافع عن ابن عمر أنه كان إذا دنا من المدينة بر زاده فأطعمه. وقيل إنما نعمل بالمتزود من عند الأهل. فأما إذا استجده في سفره، فإذا شاء أدخله منزله، والأحسن أن يكن ذا حاجة إليه أن يتصدق به شكرًا لله على رده إلى أهله وماله. ويستحب للمسافر إذا رجع واستقر في منزله أن يطعم الناس، فعله الصالحون من سلف هذه الأمة. قال نافع: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر إلا أن يمرض، فإنه كان رجلًا كريمًا يحب أن يؤكل عنده. وقال حماد بن زيد: كان أيوب السجستاني رضي الله عنه إذا قدم من سفر أطعم الناس ثلاثة أيام، يأتيه إخوانه فيضع مائدته ويضع يده مع كل ما جاء، ثم يقول: لقد أكلت اليوم كذا وكذا مرة، قال: وقدم من مكة فجعل يدخل عليه ناس من إخوانه فيقرب إليهم فسمعته من آخر النهار، وقد قرب إلى قوم شيئًا يقول: أكلت اليوم عشرين مرة.