ثُمَّ أَنْشَدَ:سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنِيسُ ... ولا لَهُ فِي عَرْشِهِ جَليِسُفلمّا سَمِعَ ذَلِكَ الحنابلهُ مِنْهُ وأَصْحابُ الحَدْيثِ وثَبُوا ورمَوْهُ بِمَحابِرهِمْ وقِيلَ كانَتْ أُلُوفًا، فقام أبُو جعفرٍ بِنفْسِهِ ودخل دارَهُ، فَرَمَوْا داره بِالحِجارة حَتَّى صار على بابِهِ كالتَّلِّ العَظيم، وركبَ نازُوكُ صاحِبُ الشُّرطَةِ في عشراتٍ ألوفٍ مِنَ الجُنْدِ يمنَعُ عَنْهُ العامَّةَ، ووقَفَ عَلَى بابِهِ يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وأَمَرَ بِرَفْعِ الحِجارَةِ عَنْهُ. وكانَ قَد كَتَبَ عَلَى بابِهِ:سُبْحانَ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَنِيسُ ... ولا لَهُ فِي عَرْشِهِ جَليِسُفَأَمَرَ نازُوكُ بِمحْوِ ذَلِكَ. وكتبَ مَكانَهُ بَعضُ أَصْحابِ الحَديْثِ:لأَحْمَدَ مَنْزِلٌ لا شَكَّ عالٍ ... إِذا وافَى إِلَى الرَّحْمَنِ وافِدْفَيُدْنيِهِ ويُقعِدُهُ كرَيمًا ... عَلَى رَغْم لَهُمْ فيِ أَنْفِ حاسِدْعَلَى عَرْشٍ يُغَلِّلُهُ بِطيبٍ ... عَلَى الأَكْبَادِ مِنْ باغٍ وعانِدْلَهُ هذا المْقامُ الفَرْدُ حَقًّا ... كَذاكَ رَواه لَيْثٌ عَنْ مُجاهِدْفَخَلا في دارِهِ وعَمِلَ كِتابَهُ المْشْهُورَ في الاعْتِذارِ إِلَيْهِمْ، وذَكَرَ مَذْهَبَهُ واعتْقِادَهُ وجرَّحَ مَنْ ظَنَّ فِيهِ غيْر ذلِك، وقَرَأَ الكتابَ عَلَيْهِم وفَضَّلَ أَحْمدَ بْن حنْبلٍ، وذَكَرَ مَذْهَبَهُ وتَصْوِيبَ اعْتِقادِهِ ولم يزلْ في ذِكْرِهِ إِلَى أَنْ ماتَ، ولم يُخْرجْ كِتابَهُ في الاختِلاف حتَّى مات فوجدُوهُ مدفُونًا فِي التُّرَابِ فأخْرجُوهُ ونسخوهُ. أَعْني اخْتِلافَ الفْقُهاءِ.ويظهر لنا من هذه القصة أنَّ الطبري رحمه اللَّه كان بينه وبين الحنابلة شيء في هذه =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute