قال صالح: قال أبي رحمه اللَّه: لما كان في شهر رمضان ليلة تسع عشرة خلت منه، حولت من السجن إلى دار إسحاق بن إبراهيم، وأنا مقيد بقيد واحد، يوجه إلي كل يوم رجلين سماهما أبي. -قال صالح: وهما أحمد ابن رباح، وأبو شعيب الحجام- يكلماني ويناظراني، فإذا أرادا الانصراف، دعي بقيد فقيدت فمكثت على هذا الحال ثلاثة أيام، وصار في رجلي أربعة أقياد. فقال لي أحدهما في بعض الأيام في كلام دار، وسألته عن علم اللَّه؟ فقال: علم اللَّه مخلوق.
قلت: يا كافر، كفرت. فقال لي الرسول الذي كان يحضر معهم من قبل إسحاق: هذا رسول أمير المؤمنين.
فقلت: إن هذا قد كفر، وكان صاحبه الذي يجيء معه خارج، فلما دخل قلت: إن هذا زعم أن علم اللَّه مخلوق، فنظر إليه كالمنكر عليه، ثم انصرف.
قال أبي: فلما كان الليلة الرابعة بعد عشاء الآخرة وجه -يعني: المعتصم- ببغا إلى إسحاق، يأمره بحملي، فأدخلت على إسحاق، فقال لي: يا أحمد، إنها واللَّه نفسك، إنه قد حلف أن لا يقتلك بالسيف، وأن يضربك ضربا بعد ضرب، وأن يلقيك في موضع لا ترى فيه الشمس، أليس
قال اللَّه تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[الزخرف: ٣] أفيكون مجعولا إلا مخلوقا؟ فقلت: فقد قال اللَّه تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}[الفيل: ٥] أفخلقهم؟ فقال: اذهبوا به.
قال أبي: فأنزلت إلى شاطئ دجلة، فأحدرت إلى الموضع المعروف بباب البستان، ومعي بغا الكبير ورسول من قبل إسحاق.
فقال بغا لمحمد الحارس بالفارسية: ما تريدون من هذا؟ قال: يريدون