للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه أن يقول: القرآن مخلوق. فقال: ما أعرف شيئًا من هذا إلا قول: لا إله إلا اللَّه، وأن محمدا رسول اللَّه، وقرابة أمير المؤمنين من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال أبي: فلما صرنا وما معي أحد يمسكني، فجعلت أكاد أخرّ على وجهي حتى انتهى بي إلى الدار فأدخلتُ ثم خرج بي إلى حجرة، فصيرت في بيت منها، وأغلق علي الباب، وأقعد عليه رجل، وذلك في جوف الليل، وليس في البيت سراج، فاحتجت إلى الوضوء، فمددت يدي أطلب شيئًا، فإذا بإناء فيه ماء وطست، فتهيأت للصلاة، وقمت أصلي. فلما أصبحت جائني الرسول، فأخذ بيدي فأدخلني الدار، وإذا هو جالس، وابن أبي دؤاد حاضر، وقد جمع أصحابه، والدار غاصة بأهلها.

فلما دنوت منه سلمت، فقال: ادنه. ادنه. فلم يزل يدنيني حتى قربت منه. ثم قال لي: اجلس، فجلست. وقد أثقلتني الأقياد، فلما مكثت هنيهة، قلت: تأذن في الكلام؟ قال: تكلم.

قلت: إلى ما دعا إليه رسوله؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا اللَّه.

فقلت: فأنا أشهد أن لا إله إلا اللَّه، ثم قلت: إن جدك ابن عباس حكى أن وفد عبد القيس لما قدموا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، أمرهم بالإيمان باللَّه تعالى. فقال: "أتدرون ما الإيمان؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمد رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا الخمس من المغنم" (١).

قال صالح: قال أبي: فقال لي عند ذلك: لولا أني وجدتك في يد من كان قبلي ما عرضت لك، ثم التفت إلى عبد الرحمن بن إسحاق فقال له: يا عبد الرحمن، ألم آمرك أن ترفع المحنة؟


(١) رواه الإمام أحمد ١/ ٢٢٨، والبخاري (٥٣)، ومسلم (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>