قال أبي: فقلت في نفسي: اللَّه أكبر، إن في هذا لفرجا للمسلمين. قال: ثم قال: ناظروه، وكلموه.
ثم قال: يا عبد الرحمن كلمه، فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت: ما تقول في علم اللَّه؟ قال: فسكت.
قال أبي: فجعل يكلمني هذا وهذا، فأرد على هذا، ثم أقول: يا أمير المؤمنين، أعطني شيئًا من كتاب اللَّه أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أقول به، فيقول لي ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا كما في كتاب اللَّه أو سنة رسوله! فقلت له: تأولتَ تأويلا، فأنت أعلم، وما تأولتُ ما يحبس عليه، ويقيد عليه.
فقال ابن أبي دؤاد: فهو واللَّه يا أمير المؤمنين، ضال مضل مبتدع يا أمير المؤمنين، وهؤلاء قضاتك والفقهاء فسلهم.
قال: فيقول لهم: ما تقولون؟ فيقولون: يا أمير المؤمنين، هو ضال مضل مبتدع.
قال: فلا يزالون يكلموني، وجعل صوتي يعلو على أصواتهم، فقال لي إنسان منهم: قال اللَّه تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}[الأنبياء: ٢] فيكون محدثًا إلا مخلوقًا؟ قلت له:
قال اللَّه تعالى:{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} فالذكر هو القرآن، وتلك ليس فيها ألف ولام. فجعل ابن سماعة لا يفهم ما أقول، فجعل يقول لهم: ما يقول؟ فقالوا: إنه يقول كذا وكذا.
قال: فقال لي إنسان منهم حديث خباب: يا هَنَتاه، تقربْ إلى اللَّه بما استَطَعْتَ، فَإنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبْ إلَيْه بشَيءٍ أحَبَّ إلَيْه منْ كَلامه (١).
(١) رواه ابن أبي شيبة ٦/ ١٣٦ (٣٥٠٨٩)، والآجري في "الشريعة" ص ٦٩ (١٤٨)، والحاكم ٢/ ٤٤١ وصححه، عن خباب موقوفا.