ولد الإمام أحمد في أواخر خلافة المهدي بن المنصور، الذي تولى الخلافة بعد أبيه المنصور، سنة ثمان وخمسين ومائة، إلى أن مات سنة تسع وستين ومائة، فتولى الخلافة ابنه موسى الهادي، وكان أبوه قد عزم قبل موته على تقديم أخيه الرشيد عليه في ولاية العهد، فلم يتفق له ذلك حتى مات المهدي، وكان الهادي إذ ذاك بجرجان، فهمَّ بعض الدولة على تقديم الرشيد عليه والمبايعة له، وكان الرشيد حاضرًا ببغداد، فأسرع الهادي السير من جرجان إلى بغداد حين بلغه الخبر، فدخل بغداد، وأخذ البيعة منهم.
وفي سنة سبعين ومائة توفي الهادي، وولي الرشيد، واستمرت خلافة هارون الرشيد إلى أن مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، فتولي بعده ابنه محمد الأمين، وقد وقع خلاف ووحشة بينه وبين أخيه عبد اللَّه المأمون، حتى كتب له المأمون بالسمع والطاعة.
وفي سنة أربع وتسعين عهد الأمين بالخلافة لابنه موسى، وخلع المأمون، فتنكر له المأمون، وحشد كل منهما الجيوش، وتألف الرعايا، ووقع بينهما حرب شديدة، حتى آل الأمر إلى خلع الأمين، وتولية المأمون، وذلك في السنة السادسة والتسعين، ثم في سنة ثمان وتسعين قُتل الأمين.
وفي سنة إحدى ومائتين بايع المأمون لعلي الرضى بولاية العهد من بعده، فنقم عليه أهل بغداد، وبايعوا لإبراهيم بن المهدي بالخلافة، فلما مات علي الرضى سنة ثلاث ومائتين، خلع أهل بغداد إبراهيم بن المهدي ورجعوا إلى المأمون بالسمع والطاعة. والمأمون أول مَن بدأ المحنة مع الإمام أحمد.
وفي سنة ثمان عشرة ومائتين توفي المأمون، وتولي أخوه المعتصم باللَّه أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد، وفي عهده كان فتح عمورية.
واستمرت محنة الإمام مع المعتصم أيضًا، والذي قال له: لولا أني