قال المَرُّوذي: رأيت أبا عبد اللَّه إذا كان في البيت كان عامة جلوسه متربعًا خاشعًا، فإذا كان برًّا لم يكن يتبين منه شدة خشوع كما كان داخلًا، وكنت أَدخل عليه والجزءُ في يده يقرأ فإذا قعدت أطبقه ووضعه بين يديه.
قال خطاب بن بشر: كنت قاعدًا في مسجد أبي عبد اللَّه مع أبي بكر المرُّوذي نتذاكر، فسمع أبو بكر صوت الباب قد فتح، فوثبت فإذا أبو عبد اللَّه قد فتح الباب وأخرج رأسه فقال لأبي بكر: انظر حسن -بني له صغير- إلى أين دخل؟ فقلت في نفسي: أقلق الشيخ حتى أزعجه، وذلك نصف النهار في الصيف فدخل أبو بكر في بعض دور الحاكة فأخرجه وأخبره بمكاني، فقال لي: ادخل فدخلت إلى الدهليز وهو جالس على التراب وخضابه قد نصل، وأُصول الشعر يبين بياضه، وعليه إزار كرابيس صغير وسخ، وقميص غليظ قد أصاب عاتقه التراب، والعرق قد بان على مستدير عاتقه، فسألته عن الورع والاكتساب، فرأيته قد أظهر الاغتمام وبان عليه في وجهه حين سألته عن ذلك إزراء على نفسه، واغتمامًا بأمره، حتى شق عليّ، فقلت لرجل كان معي حين خرجنا: ما أراه ينتفع بنفسه أيامًا.
"المناقب" لابن الجوزي ص ٢٧٠
قال الحسن بن إسماعيل: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء على خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت.