السراويل، ولبسته كراهية أن يحدث شيئًا من أمري فأتعرى. فلما كان في اليوم الثالث أدخلت عليه والقوم حضور، فجعلت أدخل من دار، وقوم معهم السيوف، وقوم معهم السياط، وغير ذلك من الزي والسلاح، وقد حشرت الدار الجند، ولم يكن في اليومين الماضيين كثير أحد من هؤلاء، حتى إذا صرت إليه، قال: ناظروه، كلموه. فعادوا بمثل مناظرتهم. ودار بيننا كلام كثير، حتى إذا كان في الوقت الذي يخلو فيه فجاءني، ثم اجتمعوا فشاورهم ثم نحاهم، ودعاني فخلا بي وبعبد الرحمن، فقال لي: ويحك يا أحمد، أنا عليك واللَّه شفيق، وإني لأشفق عليك مثل شفقتي على هارون ابني، فأجبني.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه، أو سنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-. فلما ضجر وطال المجلس، قال لي: عليك لعنة اللَّه، لقد كنت طمعت فيك، خذوه واسحبوه.
قال: فأخذْتُ وسُحبتُ، ثم خُلعت، ثم قال: العُقَابَين والسياط، فجيء بالعقابين والسياط.
قال أبي: وقد كان صار إلي شعرة أو شعرتان من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصررتهما كم قميصي، فنظر إسحاق بن إبراهيم إلى الصرة في كم قميصي. فوجه إلي: ما هذا مصر؟ أرني كمك.
فقلت: شعر من شعر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسعى بعض القوم إلى القميص ليحرقه في وقت ما أقمت بين العقابين. فقال لهم -يعني: المعتصم: لا تحرقوه، انزعوه عنه.
قال أبي: ظننت أنه درئ عن القميص الحرق بسبب الشعر الذي كان فيه، ثم صيِّرتُ بين العقابين، وشدت يدي، وجيء بكرسي فجلس عليه، وابن أبي دؤاد قائم على رأسه، والناس أجمعون قيام من حضر فقال لي إنسان ممن