المرأتان النساء، ثم دخلوا إلى منزلي ففتشوا الحريم ثم خرجوا.
فلما كان بعد يومين ورد كتاب علي بن الجهم: إن أمير المؤمنين قد صح عنده براءتك مما قذفت به.
"السيرة" لصالح ص ٨٩ - ٩١
قال حنبل: إن رافعا رفع إلى المتوكل على أبي عبد اللَّه أن أحمد بن حنبل قد ربض علويا في منزله، وأنه يريد أن يخرجه ويبايع له، وكان الذي دسه رجل من أهل بغداد، وكان الرافع من أهل الجبل، ولم يكن عند أبي عبد اللَّه ولا عندنا من ذلك علم، وعلمنا بذلك بعد. فبتنا نحن ذات ليلة نيام، وذلك في الصيف، ونحن فوق السطوح سمعنا الجلبة، ورأينا النيران في دار أبي عبد اللَّه، فقال لي أبي: ما هذا في دار أبي عبد اللَّه؟ فقلت: ما أدري، وأشرفت من السطح، فإذا النيران والشمع، فنزلنا سريعا، فبلغنا رسول مظفر إلى أبي وإلينا. فجئنا فدخلت فسألنا عن الخبر.
فقال أبو عبد اللَّه: ما علمت أنا نائم إذا الباب يدق، فقلت: من هذا؟ قال: أنا. قلت: من أنت؟
قال: أنا، افتح، فنزلت فعجبت، فهجموا علي ودخلوا.
وكان أبو عبد اللَّه قاعدا في الدار في إزاء فراشه، ومظفر وابن الكلبي صاحب الخبر، وجماعة معه، فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: ورد على أمير المؤمنين أن عندك علويًّا ربضته لتبايع له، وتظهره، في كلام طويل وكلام كثير. فلما فرغ ابن الكلبي من قراءة الكتاب، وأبو عبد اللَّه يسمع، قال له مظفر: ما تقول؟ وما ترد؟
فقال أبو عبد اللَّه: ما أعرف من هذا شيئا، وإني لأرى له السمع والطاعة في عسري ويسري، ومنشطي ومكرهي وآثرة علي، وإني لأدعو اللَّه له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار، في كلام كثير غير هذا قاله أبو عبد اللَّه.