للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٥٥ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَعَادَ وَلَمْ يُعِدْ أَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَالْمُزَنِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَبِالرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ ⦗٢١٤⦘ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالثَّوْرِيِّ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُعِيدَ وَيُعِيدُوا، وَقَالَ النُّعْمَانُ وَأَصْحَابُهُ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ عَطَاءٌ، قَالَ: إِنْ صَلَّى إِمَامُ قَوْمٍ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ فَذَكَرَ حِينَ فَرَغَ، قَالَ: يُعِيدُ وَيُعِيدُونَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؛ فَإِنَّهُ يُعِيدُ هُوَ وَلَا يُعِيدُونَ، قُلْتُ: فَصَلَّى بِهِمْ جُنُبًا فَلَمْ يَعْلَمُوا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى فَاتَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ؟، قَالَ: فَلْيُعِيدُوا، فَلَيْسَتِ الْجَنَابَةُ كَالْوُضُوءِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ رَأَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَخَبَرُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: وَفِي خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَلِيلِ مِنَ الصَّلَاةِ كَحُكْمِ الْكَثِيرِ فِيمَنْ صَلَّى خَلْفَ جُنُبٍ، قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثٌ لَكَانَ فِيمَا رُوِيَ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فِي هَذَا الْبَابِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَمْرٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ قَوْلِهِمْ. فَأَمَّا مَا حُدِّثَ عَنْ عَلِيٍّ فَفِي الْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا مَقَالٌ، فَكَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ؛ لِضَعْفِ الرِّوَايَتَيْنِ وَتَضَادِّهِمَا، وَاللَّازِمُ لِمَنْ يَرَى اتِّبَاعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يُخَالِفَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالنَّظَرُ مَعَ ذَلِكَ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا صَلَّوْا كَمَا أُمِرُوا وَأَدَّوْا فَرْضَهُمْ ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِمْ، لَمْ يَجْزُ أَنْ يُلْزَمُوا ⦗٢١٥⦘ إِعَادَةَ مَا صَلَّوْا عَلَى ظَاهِرِ مَا أُمِرُوا بِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْإِمَامِ تَعَمَّدَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: صَلَاةُ الْقَوْمِ فَاسِدَةٌ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: عَمْدُ الْإِمَامِ وَنِسْيَانُهُ سَوَاءٌ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْقَوْمِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَأْثَمُ بِالْعَمْدِ، وَلَا يَأْثَمُ بِالنِّسْيَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>