أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتِ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، وَدَلَّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي بَابِ ذِكْرِ اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوَائِلِ أَوْقَاتِهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالتَّغْلِيسُ بِالصُّبْحِ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨]، فَالْمُصَلِّي فِي أَوَّلِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَحْرَى بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِمَّنْ أَخَّرَهَا وَعَرَّضَهَا لِلنِّسْيَانِ وَالْعِلَلِ مَعَ أَنَّا قَدْ رَوَيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرًا مُفَسَّرًا يَدُلُّ عَلَى آخِرِ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَالْآخَرُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْلَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا فِي جُمَلِ مَا نَعْتَمِدُ نَحْنُ وَهُمْ عَلَيْهِ.
١٠٦٦ - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ عُرْوَةُ: سَمِعْتُ بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ، حَتَّى مَاتَ ثُمَّ لَمْ يَعُدْ إِلَّا أَنْ يُسْفِرَ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَثُبُوتُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى التَّغْلِيسِ دَالٌّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى الْأَسْفَارِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ الْآخِرُ، مَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute