وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْحُرِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ مِنَ الْعَدُوِّ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالُوا فِي التَّاجِرِ يَشْتَرِي مَمْلُوكًا لِمُسْلِمٍ: هُوَ أَسِيرٌ فِي يَدِي الْعَدُوِّ مِنْهُمْ، أَنَّهُ يَصِيرُ لِلَّذِي اشْتَرَاهُ، فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ إِنْ شَاءَ بِالثَّمَنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ، لَا يَرْجِعُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِذَا تَطَوَّعَ بِشَيْءٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَلْزَمَ الْأَسِيرَ ذَلِكَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ لِمُشْتَرٍ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَسِيرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَالْجَوَابُ فِي الْعَبْدِ يَشْتَرِيهِ التَّاجِرُ مِنَ الْعَدُوِّ، فِيمَا أَخَذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، كَالْجَوَابِ فِي الْحُرِّ يَأْخُذُهُ مَوْلَاهُ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي، كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً.
٥٧ - ذِكْرُ الْأَسِيرِ يُرْسِلُهُ الْعَدُوُّ عَلَى أَنْ يَجِيئَهُمْ بِمَالٍ أَوْ يَبْعَثَ بِهِ إِلَيْهِمْ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَسِيرِ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنَ الْعَدُوِّ، عَلَى أَنْ يَبْعَثَ بِالثَّمَنِ إِلَيْهِمْ.
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَفِي لَهُمْ كَذَلِكَ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِي هَذَا: يَفِي لَهُمْ، وَكَذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَوْ يَبْعَثُ فِيمَا قَالَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا خَلَّوْهُ عَلَى فِدَاءٍ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِمْ إِلَى وَقْتٍ، وَأَخَذُوا عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَدْفَعِ الْفِدَاءَ أَنْ يَرْجِعَ فِي إِسَارِهِمْ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعُودَ فِي إِسَارِهِمْ، وَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنَّهُ يَدَعُهُ إِنْ أَرَادَ الْعَوْدَةَ، فَإِنْ كَانُوا امْتَنَعُوا مِنْ تَخْلِيَتِهِ إِلَّا عَلَى مَالٍ يُعْطِيهِمُوهُ، فَلَا يُعْطِهِمْ مِنْهُ شَيْئًا، لِأَنَّهُ مَالٌ أَكْرَهُوهُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ بِغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute