للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٩٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا، وَلَا بَأْسًا» . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ. فَالْحَدِيثُ فِي نَفْسِهِ مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَقَدْ فَصَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَيْنَ ⦗٢٧٢⦘ الْحَدِيثَيْنِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ حَيْثُ قَالَ: زَعَمُوا، وَقَوْلُهُ: زَعَمُوا حِكَايَةً عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ، وَلَوْ سَمَّاهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَصِرَهِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ ثِقَةً. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ، قَالَ الَّذِي أَخْبَرَنِي عَنِ الْقِلَالِ: فَرَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ بَعْدُ فَأَظُنُّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ. فَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الَّذِيَ أَخْبَرَهُ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ فَالظَّنُّ غَيْرُ وَاجِبٍ قَبُولُهُ، وَقَوْلُهُ: قِرْبَتَيْنِ لَيْسَ بِلَازِمٍ الْأَخْذُ بِهِ، وَنَقْلُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُجْعَلَ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ كُلٌّ قُلَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ بِكِبَارِ الْقِرَبِ أَوْ بِصِغَارِهَا أَوْ بِأَوْسَاطِهَا أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَإِثْبَاتُ أَنْ تُجْعَلَ الْقُلَّةُ قَرْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ، وَالشَّيْءُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَوْ ثَبَتَ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْتَاطَ، فَيُجْعَلُ نِصْفًا، ثُمَّ يُفْرَضُ عَلَى النَّاسِ مَا سُمِّيَ احْتِيَاطًا، وَالْقُلَلُ مُحِيطَةٌ بِهَذَا التَّحْدِيدِ،. وَلُزُومُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ وَالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِبُ، وَتَرْكُ الِانْتِقَالِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْمَرَاسِيلِ، وَدَفْعُ الْقَوْمِ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامًا كَثِيرًا، وَمُعَارَضَاتٍ وَحُجَجًا، وَهُوَ مُثْبَتٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا حَضَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْمَاءِ بِالتَّحْدِيدِ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، حَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْمَاءِ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ مِنْ مَالِكٍ كَأَنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُتَبَيَّنُ، وَيَفْتِي بِهِ النَّاسُ بَعْدَ مَا يَقَعُ فَيَجِدُهُ ⦗٢٧٣⦘ مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ، فَأَمَّا أَنْ يُوضَعَ فِيهِ أَصْلٌ وَيُفْتِي بِهِ النَّاسُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِيُكْتَفَى بِهِ فِيمَا يَحْدُثُ وَيَكُونُ، فَلَمْ أَرَ مَالِكًا يُرِيدُهُ، وَلَا يُرَخِّصُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ قَدْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيْتَةُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ، فَلَا يُعِيدُ صَلَاةً صَلَّاهَا إِلَّا فِي الْوَقْتِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ مِنْ قُلَّةٍ فِيهَا فَارَةٌ مَيْتَةٌ، لَا يَعْلَمُ بِهَا، ثُمَّ عَلِمَ، وَلَمْ يَجِدْ رَائِحَةً، وَلَا طَعْمًا، قَالَ: مَضَتْ صَلَاتُهُ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الْجِيفَةِ تَقَعُ فِي الْمَاءِ، قَالَ: مَا لَمْ يُغَيِّرْ رِيحًا، وَلَا طَعْمًا يَتَوَضَّأُ بِهِ. وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ نَجِدْ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ نَرَ فِي الْمَاءِ إِلَّا الرُّخْصَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>