٩٥ - ذِكْرُ مَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَمَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لَهُ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَتْ قُرَيْظَةُ قَدْ عَاهَدَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، أَتَى حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّصْرِيُّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ الْقُرَظِيَّ، صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَهُ إِلَى نَقْضِ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَبَيْنَهُ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَخَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ لِيَنْظُرُوا صِحَّةَ ذَلِكَ، فَجَاؤُوا وَأَخْبَرُوا بِخَبَرِهِمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَطَفَانَ، عَنِ الْمَدِينَةِ، سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَحَاصَرَهُمْ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيَّهُمْ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَخَبَّرَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَدَلَّ عَلَيْهَا، وَآوَى عُيُونَهُمْ، فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَخَرَجَ مِنْ ذِمَّتِهِمْ، إِنْ شَاءَ الْوَالِيُّ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُ، وَإِنْ كَانَ مُصَالِحًا، لَمَّا يَدْخُلْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَبَذَ إِلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَمَرِ الْحَبَشَةِ: أَرَى أَنْ يَنْظُرَ وَيَتَبَيَّنَ، فَإِنْ كَانُوا أَسْوَأَ قُتِلُوا، وَلَا يَهْجُمْ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ، إِلَّا بِأَمْرَيْنِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَمَّا اسْتَحَلَّ رَسُولُ اللهِ دِمَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمُظَاهَرَتِهِمُ الْأَحْزَابَ عَلَيْهِ، وَكَانُوا فِي عَهْدٍ مِنْهُ، فَرَأَى ذَلِكَ نَكْثًا لِعَهْدِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute